قال : هناك الكثير مني يكفي الجميع ..!
وقالت : ربما هناك أمل أن يحبني في يوم ما !
هكذا استمرت أسطورة العطاء العاطفي من طرف واحد ..،
________________________________________________________
لم تكن جميلة على الإطلاق ..، ولكن لها جسد أنثوي فاتن ..، تعلمت أنها فتنة منذ بلغت مبلغ النساء
لو سارت في الطريق مع اثنتين فإن كلمات الغزل من الرجال حتماً موجهة إليها ..، ولو مع واحدة فإنها تعرف هذه النظرة التي تنظر بها صديقتها إليها ( ماذا يرى فيكِ هؤلاء الحمقى ) ؟ !
نشأت في بيئة متواضعة بحي شعبي والدها متوفي ولها أم لم تتعلم في الحياة إلا واجبات البيت وكل اخوتها من الذكور
نعم .. وحيدة ..
وحيدة في البيت وحيدة في المدرسة ثم الجامعة .. وحيدة في الحياة
لا يمر يوم وآخر يتقدم لها أحد الأسطوات في الحي لكنها ترفض بشمم .. ستكمل تعليمها وتصل للجامعة .. ستكون الوحيدة في إخوتها التي تتعلم تعليماً جامعياً
تلك الدرجة العلمية التي تبدو بعيدة جداً عن واقعها الذي نشأت فيه ،،
لم تكن بالذكاء الكافي الذي يؤهلها لدخول إحدى كليات القمة ..، فاقتصر الأمر على كلية نظرية متواضعة بدورها لا تفهم أغلب ما يقال فيها لذا كان لها حظاً وافراً من الرسوب المتكرر
انطوائيتها وحظها الضئيل من الجمال دفعوا بها الى المنفى رغم صخب الجامعة وانطلاق شبابها ..، فاتخذت مكاناً تحت شجرة وارفة تتوسط الساحة واعتادت الجلوس فيه وحيدة في صمت ..،،
ربما رآها أحداً وقال هي عاشقة تزور أطلال ماضِ عفى عليه الزمن ..، ربما انتهز الفرصة أحد الشباب وراح يحاول تجربة جاذبيته بها ..، ربما طلب منها عاشقان أن تتنحى جانباً لتفسح لهما المكان
المهم أنها اعتادت كل هذا وفي زجر الناس ولا مبالاتهم رحمة عن عذاب بيتها المتلخص في تسلط إخوتها وبكاء أمها ليل نهار على قليل النقود وكبد العيش
كان هذا هو الحال عندما رآها أول مرة ،،
شاب في مننتهى الوسامة ..، متين البنيان مما يشي بنشاط رياضي ملحوظ .. مهندم الثياب جذاب بشدة لكل من تقع عيناها عليه ..،
لكن عيناه انتقت من بين الحسناوات تلك السمراء التي اعتادت الجلوس أسفل الشجرة حتى مغيب الشمس ..
الشيء الأكيد أنه ليس حباً .. ولكنه نوع من التحدي والإنجذاب المفترض من شاب مثله لصاحبة هذا الجسد الجميل ..، إنه في كلية تربية رياضية ويعمل في عدة نوادي ويعرف أن تشريحها كأنثى مثالي بشدة لمعنى كلمة أنوثة ..،،
إنها تنفر من الجميع فماذا عنه ؟؟
بدأ المسلسل المعتاد من ملاحقات وابتسامات واهتمامات ..، وقعت في قلب الفتاة في ذلك الموضع الذي تعجز عن مقاومته أي أنثى ..، ورحبت بذلك الوسيم الذي لا يبالي بملكات الجمال حوله بينما تنحبس أنفاسه عند النظر إليها
ثم كانت الكلمة الأولى فالميعاد الأول فتعددت المواعيد ..
عرف كل شيء عنها وعرف كم هي هشه تطوق إلى الحب وما يشمله من حنان واهتمام لم تجده في حياتها الجافة البائسة ..، عرف كذلك أن إخوتها جميعهم ذكور مما يعني أن التمادي معها في العلاقة يجب أن يكون محدوداً بحيث لا يضطروه إلى الزواج منها
وهكذا استدرجها شيئاً فشيئاً إلى تلك الحديقة الهادئة بعيداً عن الجامعة وصخبها ..، وفي الحديقة تنحى بها أسفل شجرة نائية على أطرافها
ثم اجتمعت الشياطين معهما واستطاع أن يصل إلى ما لم يصل إليه بشر من قبله .. ولكن بالطبع ( في حدود الأمان )
أفاقت المسكينة من سكرة اللقاء في بيتها وراحت تبكي وتنتحب لن تجروء على اخبار صديقتها الوحيدة بهذا الأمر ..، لقد انهار كل شيء تربت عليه لقد تلوثت للأبد !
لن تستطيع الصلاة بعد ذلك كيف تقف أمام الله بعدما اجترئت على فعل ما فعلته منذ قليل ؟؟
لن تستطيع أن تكون كباقي الفتيات انها ملوثة ولا يمكن أن تقارن نفسها إلا بالساقطات
لن تنظر في عيني اخوتها وامها ولن تناطحهم في الحوار .. عليها أن تسير منكسة الرأس مكسورة العين حتى تموت
لن تجرؤ حتى علي النظر في عين حبيبها مرة أخرى .. ولكن ... هل يمكن أن يتخلى عنها ؟ ماذا تراه يقول عليها الآن ؟؟ وماذا ستفعل إذا ما قرر تركها في أي لحظة ؟؟
في الصباح قامت بالاتصال به أتاها صوته الناعس .. لقد نام قرير العين كأن شيئاً لم يكن !!
أخذت تبكي وتنتحب في الهاتف وتحكي كثيراً عن انها تحبه ولولا حبه لما أطاعته فيما حرم الله ..، وأنها ليست من هذا النوع من الفتيات وأنه لو تخلى عنها فانها لن تتردد في قتل نفسها
هنا استشعر الفتى خطورة أخرى عليه .. ماذا لو انتحرت وكتبت في ورقه اسباب انتحارها ؟؟ عندئذ سيلاحقه إخوتها ولن يختلف مصيره كثيراً عنها !
لذا أخذ يقسم لها أنه ايضا يحبها وان رايه لم يتغير فيها وانه مكبل بظروف مادية سيئة وفور تحسنها سيتقدم فورا لخطبتها .. ولكن عليها أن تصبر قليلاً ..،،
هدأت الفتاة قليلاً .. وأخيراً ابتسمت .. انه يحبها ولن يتخلى عنها ،،
الذبابة المسكينة تتوغل في شباك العنكبوت الذي لا يكف عن امتصاص كل حياة فيها ..،
لن يضير تكرار الخطأ مرة أخرى ومرات عديدة مادام قد حدث مرة ..!
لقد تلوثت وانهار الحاجز الأخلاقي بينها وبينه للأبد ..، لقد رأى كل شيء ولمسه فلماذا تتمنع وتصتنع الشرف والفضيلة ؟؟
هكذا كان الشاب ينفث عن طاقاته الرجولية المكبوته وقتما أراد ويبتز حبها في أي مكان يكونا فيه وكله على (نوتة ) حساب الزواج الذي لا يأتي أبداً ..،،
مع الوقت راحت الأقنعة تتساقط ..
عرفت أنه ليس طالباً وانه تم رفده منذ زمن لسوء السير والسلوك ..
عرفت أنه يعمل أحياناً (بودي جارد ) في نواد ليلية بشارع الهرم
عرفت أنه يتعاطى الكحول أحياناً والمخدرات ..
واجهته فثار وهدد بالانسحاب من حياتها .. وكان ذلك يتساوى معها والموت ..،
لذا راحت تبتاع له الكتب الدينية والأذكار في محاولة لإصلاحه واذا ما انصلح فان هناك أمل ان يتزوجها ..،
راق له هذه اللمسة الأمومية منها ..، وزادت من رغبته في الابقاء عليها ولكن حيث هي لا اكثر من عشيقة ..، لذا كان ياخذ منها الكتب والاذكار يضعها في جيبه ثم يحتويها مقبلاً اياها بشهوانية الحيوانات دون أي مراعاة لما يحمله في جيبه ..!
سنوات مرت ورائها سنوات ..
لا شيء يتغير الا للأسوء .. لازالت الغريرة تحلم بالزواج من أميرها لذا استمر رفضها للعرسان قائماً ..،،
ذات يوم أخبرها أن أهله يرفضون الارتباط بها وأن عائلته مصره على تزويجه بإحدى قريباته .. وانه لن يستطيع مقاومتهم كما ان ميعاد الزفاف تم تحديده
دارت الدنيا من حولها .. اذا ما سمعته كان صحيحاً .. لقد قالو لها انه خاطب منذ مدة في قريته و يخفي الامر عليها فلم تصدقهم
انفجرت بالبكاء وراحت تتوسل إليه ان يرحمها ويتزوجها .. فكانت الكلمة الاخيرة بانه لن يتزوج من اسلمته نفسها مرات ومرات !
هنا فقط قررت اخبار صديقتها بالامر كله .. وصديقتها أخبرتني لنساندها معنويا ..، اصطحبناها الى عدة اماكن ترفيهية وحاولنا ان ننسيها ذكرياتها معه بلا جدوى كانت للصمت أميل وللجنون أقرب
لذا تلقيت الصدمة مخففة عندما كلمتني صديقتنا المشتركة وهي تجهش بالبكاء .. بان الفتاة أقدمت على الانتحار وان امها في حالة سيئة للغاية بعد وفاتها ..،
بكيت عليها كثيراً .. برغم الفتره القصيرة التي عرفتها فيها
ضحية لا ذنب لها الا كونها ضعيفة قليلة الحيلة في حياة لا ترحم الضعفاء ..
رحمك الله يا سماح