_لو سمحت؛ ممكن تفتح لي العلبة دي.
كان أغرب طلب حد يطلبه منّي في حياتي؛ مش على شان الطلب بسيط وكده، ولكن لأني وأنا راجع من الشغل بالليل، اتفاجأت بشخص طويل عريض، جسمه كله عضلات وضخم، مقابلني في الشارع وبيطلب منّي أفتح له علبة صفيح قديمة، في حجم علبة السمنة كده، وقفت أبُص له من فوق لتحت وأنا مستغرب، وبعدها قولت له:
_يا أخي اتكسِف على طولك وعرضك وعضلاتك، مش عارف تفتح حتة علبة! وبعدين دي سهلة الفتح.
كان بيبُص لي والغضب ظاهر على ملامحه، وبيكرر طلبه تاني، وبعدها قال لي:
_افتح العلبة يا عم أنا زهقت من الدنيا دي، أنا عارف مين ابن حرام جابني هنا، كل شوية قطع كهربا واحتباس حراري وحاجات تانية كتير تزهق، افتح يا عم وخلَّصني.
كلامه كان غريب، والأغرب إنه كان مصمِّم إن أنا اللي أفتح العلبة، وعلى شان أخلص منّه وأروَّح لأني هلكان، أخدت العلبة من إيده وقولت له:
_هات ياسيدي دا أنت غريب.
بدأت أفتح العلبة وأنا بقول له:
_الغطا أهو يا عم، والله دي علبة من اللي هي سهلة الفتح، أهي سهلة الفتح.
بمجرَّد ما العلبة اتفتحت، لقيته بيتحوِّل لدخان، وهو بيقول: "يا فرج الله"؛ وفي لحظة، الدخان كان داخل جوَّه العلبة، والغطا راجع مكانه من نفسه والعلبة بتتقفل.
وقفت مذهول من اللي بيحصل، أعصابي سابت والعلبة وقعت من إيدي، كنت ببحلق فيها ومش فاهم الحكاية، لكن فضولي خلاني عاوز أفهم، مديت إيدي وأخدت العلبة، حاولت أفتح الغطا لكن مقدرتش، برغم إنها سهلة الفتح، يعني يادوب الغطا يتشَد يطلع، لكن زي ما يكون في قوَّة كانت بتشدُّه من جوَّه، في الوقت ده، سمعت هاتف جوايا، كان بنفس صوت الشخص اللي اتحوِّل لدخان ودخل العلبة، كان بيقول "أرجوك متفتحش، مش عاوز أرجع عندكم تاني".
العلبة وقعت من إيدي، وأخدت ديلي في سناني وهربت، بعد ما أدركت أخيرًا إنه مش إنسان، وفهمت إنه مخلوق من إيَّاهم، اللي دايمًا كنا نسمع إنهم محبوسين في فانوس أو مصباح أو في حاجات شبيهة، وإني قابلت واحد منهم، لكنه كان عاوز يرجع للحبس بتاعه، لما لقاه أهون بكتير من الدنيا اللي إحنا عايشين فيها.
***