قال له بحسم: اذهب وجِد لكَ حبيبة تطيرمعها. لكنه ظلّ متسمرا بجانب قفصه، فتركه وحده في الوادي، وأدبر غاضبا ليستقلّ الحافلة، ثم تذكّر: كم كانت تحب طيرها! وكان حريا به استحضارها بينما ينفذ وصيتها بإطلاق سراحه، فرجع إليه لاهثا، وما إن رمقه بحُب حتى أطلق الببغاء جناحيه للسماء ليعانقها! كان هذا رَيَان -المعالج النفسي- في مشهد من فيلم (الحب يحدث).
تبدأ القصة بكتابه الذي كتبه بعد وفاة حبيبته، يصف فيه خطوات الإبراء من الفقد، ويحقق رواجاً كبيراً، يدفعه لإقامة المحاضرات، والجلسات العلاجية لمئات المتابعين له.
يصادف أثناءأحد دوراته منسقة الورود الجميلة إلويس، فيتحدى نزوعه للانكفاء على الذكرى، ويخطو نحوها على غير هدى مندفعا بإعجابه بها، تتجاوب معه في البداية لانجذابها له، لكنها تكتشف مع الوقت عدم تخطيه لوجعه، وأنه غير قادرٍ على سرد الوقائع الحقيقية لحادث فقده لحبيبته، وأنه لطالما استبدلها بصور وأحداث وهمية، ليهون على نفسه قسوة وألم الواقع.
إلويس كانت بدورها قد عانت في السابق من حطام علاقة غير عادلة، ولأنها تثمن بشدة مشاعر الحب الصادقة والمخلصة، وبرغم احتياجها لوجوده -الذي يحيي العطر في زهورها- آثرت مواجهته، والاحتفاظ بمسافة بينهما، ريثما يتصالح كلياً مع شريط الذكريات المؤلمة، نأت بنفسها أن تكون معبراً لحزنه، ولم ترض بأقل من أن تكون مآلاً لروحه -أو لا تكون-. فتأثر كثيرا بصدقها وإصرارها رغم مكابرته الأولية.
كان ريان يعتبر التصالح مع الألم والتحرر منه كصعود الدّرج، -شاقا ربما- لكننا نتحمل عناءه في سبيل الارتقاء واكتمال الصورة والمغزى. تجسد هذا المعنى جليا في إحدى المشاهد: وهو يتحرك في الشارع مع مجموعة من جمهوره، ويطلب منهم أن يخبروه عن ما يروه في هذا المكان؟ فتواترت الإجابات مسرعة: نرى زحام.. سيارات مزعجة.. عوادم.. إلى آخره، ثم طلب منهم أن يصعدوا إلى سطح الفندق الذي يبيتون فيه لتلقي الدورة التدريبية، والذي كان في نفس الشارع الواقفين به، فتململ المرضى أثناء صعودهم، خاصة أنه ألزمهم عدم استخدام الأسانسير! بعد وصولهم للسطح.. انبهروا بالمنظر الخلاب الذي راقص أرواحهم وحواسهم، وعندما كرر عليهم نفس السؤال: ماذا ترون الآن؟.. اختلفت إجاباتهم كليا: نرى السماء.. الطيور.. المحيط.. السحاب..
ابتسم وقال لهم: مع أننا لازلنا في نفس المكان، لكننا نرى الصورة من منظور مختلف، ولم نكن لنستمتع بهذه الرؤية واسعة المدى، دون كل هذه المشقة التي واجهناها.
يدرك ريان بحكم دراسته وعمله الكثير من الحقائق العلمية والتطبيقية في مجال الإرشاد النفسي، برغم ذلك لم يستطع مساعدة نفسه بصدق، إلا عندما تجاوب مع تجرد إلويس وإصرارها على دعمه والاطمئنان عليه، وإبداء ذلك على نرجسيتها، فأتى ذلك اليوم الذي يقدم فيه محاضرته الختماية في وجود جمهوره الكبير، والعديد من الإعلاميين ورجال الأعمال، والرعاة المحتملين لمشروعاته، حيث يتوقع منه الجميع قاعة تتّقِد بالهتافات –كعادته- ليتفاجؤوا به وهو ينهار باكيا غير قادر على استكمال ما أعده سلفا، ويحكي الحادثة لأول مرة بحقيقتها ووقائعها كاملة دون رتوش، غدت هذه اللحظة هي البداية الحقيقية لعودة ريان لنفسه بعد اغتراب طويل، والتي تجلى معها عودة الثقة بينه وبين والد فقيدته وتوطيد العلاقة مع جمهوره وفتح صفحة جديدة مع الحب.
جاء صوت ريان في المشهد الختامي والكاميرا ترتقي بزاوية التصوير لتتسع الصورة في رؤية أفقية ممتدة.. ويقول: الفصل الخامس عشر: في أسفارك.. دع فكرة واحدة تشتعل في عقلك، كل نهاية هي بداية جديدة.
******************************
تمت كتابته في:
14/8/2019
وتعديله جزئيا:
10/11/2019
: (Love Happens)
فيلم أمريكي من تأليف مايك تومسون وبراندون كامب، تم إنتاجه سنة 2009م من بطولة آرون إيكهارت الذي قام بدور ريان، وجينيفر آنستون التي قدمت شخصية إلويس.