حينما كنت أطالع التلفاز قديما وقبل انتشار الفضائيات، كانت تظهر به وجوه معروفة من الشيوخ والعلماء، كانوا جميعا محل تقدير ومبعث احترام.. ولم يكن عقل المرء يومها يفكر أن يكون بهؤلاء الناس معنى من معاني السوء، أو تحاول العاطفة أن تحمل لأحدهم مأخذا من مآخذ الكراهية.. كانوا جميعا يُنتقون بحرص وعناية، ليكونوا أرقى تعبير عن معنى الدين وقدسية العلم.
وهي الصورة التي لا شك نستدعيها اليوم حيال بعض الوجوه الكالحة المنافقة المرائية التي نراها اليوم من صور دعاة وعلماء محسوبون على العلم الديني وربما الأزهر الشريف.
كان قديما يظهر أهل الوقار من العلماء الصالحين الصادقين الطيبين أمثال عبد الحليم محمود والشعراوي والشرباصي وابن بدران والغزالي والطيب النجار وتاج الدين نوفل وعبد الودود شلبي وعبد الله شحاته وعبد الصبور شاهين وعبد الصبور مرزوق ومحمد عبد الواحد وعطية صقر وعبد الله المشد وغيرهم كثير وكثير.
في هذه الأيام يظهر أناس حينما تقيسهم بأهل ذلك الزمان، ينطق لسانك بالفارق الكبير بين الثرى والثريا والسماء والأرض.
إنني اليوم وكلي يقين وحزم، أستطيع أن أعبر عن كراهيتي العميقة لبعض من أراهم اليوم من هؤلاء الدعاة، وهو شعور غريب وثقيل ومر، لم تبعث به نفس مريبة، بقدر ما بعث به شخص مريب لم يستطع أن يجبر هذه النفس على احترامه، بما أظهر من مواقف وآراء، وبما شعرت به الروح تجاهه حينما ألحت في البحث فيه عن عنصر الإخلاص، فأعياها وجوده.
قارن بين هؤلاء الأعلام القدامى وبين من يطهر اليوم من دعاة متصنعين منتفعين بل ومنافقين يلعنهم الدين ويمقتهم علمهم الذي يتحدثون فيه.
ولا أحب أن أضرب الأمثلة فما أكثر هؤلاء الذين ينالون من كراهيتي لهم، ولا أطيق سماع صوتهم أو رؤية صورتهم. خاصة ذلك الأزهري المنافق الذي يظهر لنا كل يوم بزي مختلف ويتخيل نفسه علم الأعلام وحبر الزمان وما هو إلا عبد للشهرة والمال.
ومن قبله ذلك الدعي السخيف الذي يتصور نفسه قطب الزمان في الزهد التصوف، وكل أحاديثه مائعة سخيفة، ومن عجب أنه كسابقه يعشق التفنن في الأزياء والألوان.