عندما تختلط به .... تلوثه ... و تلوثنا

السلام عليكم و رحمة الله

يدور جدل الآن - من بين الاف انواع الجدل الدائر اصلا - حول مستقبل الدوله القادمه في بلاد ما وراء الثورات .... هل ينبغي ان تكون مدنيه .... ام دينيه .... ام مدنيه بخلفية دينية .. ام علمانيه .... الخ

و لأني متأكد تمام التأكد يصل الي حد اليقين ان احدا من المجادلين او حتي المستمعين المشجعين لاي من الفرق المتنافسه ... يملك في الاساس شكلا محددا للنمط الذي يدافع عنه او يدعوا له ... فعندما تستمع لاي منهم تجدهم جميعا يدعون الي نموذج يدافع عن الحريات و يحفظها !! .... اما عن التفاصيل ... فسبحان علام الغيوب :) .... :)

عذرا علي هذه المقدمه التي قد تكون شاذه عن هدف الموضوع ... و لكن قلمي اراد كتابتها .... ربما لينقل للقارئ اولا طبيعة الكاتب و كيف ينظر الي هذه النقطه تحديدا .... حتي يستطيع ترجمة ما سوف يأتي في الموضوع ترجمة اقرب الي الصحيح .... و ثانيا فحوي الموضوع

ما يحمله عقلي هو ان مجتمعا يدين بدين ما .... ينبغي ان يكون تشريعه معتمدا علي اعمدة هذا الدين الاساسيه .... فان اخذنا الاسلام كمثال .... فكمسلم اعلم علم اليقين ان الاسلام دين مثالي كامل .... و ان الحياة تحت شكل من اشكال الاداره المنبثقه عن تعاليمه السمحه لهو افضل شكل لحياة علي الاطلاق ...

و لكن تكمن المشكله الكبري .... في فهم و معرفة تلك التعاليم جيدا ..... و معرفة كيف تطبق ؟ ... و علي من تطبق ؟ .... و هنا مكمن الخطر ..... و الثغرة الكبري !... فاما ان تكون الاعمده سليمه راسخه ..... و اما هشه ضعيفه تتهاوي بنا و بالدولة الي الحضيض نتيجة الجهل ...

لهذا فان مشكلة المنتمين الي تيارات يقال عنها "اسلاميه" يعانون من مشكلة توصيف النموذج الامثل القائم علي التعاليم الصحيحه لحياة سياسية و اجتماعية لدولة يقطنها مسلمون كأغلبيه ساحقه .... فحتي الآن لا احد يعلم ما هو الشكل المقترح ... ربما يرجع السبب انهم - اي المنتمين "للاسلامي" - لم يتوصلوا اصلا للشكل المنشود

لو تحدثنا عن هذه التيارات الاسلاميه .... تجد لها مرجعيات مختلفه .... و هي مرجعيات سياسيه في الاساس و ليست دينيه ... و الهدف الاسمي غالبا هو السلطه .... و هو هدف غالب عن اقامة دولة اسلامية غير معروفة الشكل و الملامح ..... و بالمناسبة فهذا ايضا شأن التيارات الليبرااليه و القوميه و التحرريه ... فالهدف السامي لهم جميعا هو السلطه .... بينما شعارات العدل و المساواه و الاكتفاء الذاتي ما هي الا مطايا ... نحو العرش ...

لهذا يُقال عن السياسه بانها لعبة اللا اخلاق .... لان المبادئ فيها قد تنهار لتحقيق الهدف ... و قد نقبل و نتقبل ان تنهار المبادئ من تيار مدني لا يتحدث "بقال الله و قال الرسول" فهذا "عادي" و متعارف عليه !! .... و لكن ان نري المبادئ تنهار من تيار "يقال له اسلامي" .... فهذا شئ عجيب ... و مؤسف ... و محير !!

فالمثال الذي اقصده ..... يكمن في فتوي اطلقها احد قادة التيار السلفي يبيح للمرأه التقدم للانتخابات التشريعيه في مصر ..... و قد تستغرب عزيزي القارئ انتقادي لهذه الفتوي رغم انها فتوي "تقدمية" ..... و لكني سأقول لك ان السلفيين كانوا من اشد المعارضين لذلك سابقا .... و كانوا يستشهدون بأدلة فقهيه دامغه عن دعم جواز ذلك .... و سواء اكنت متفقا معهم ام معترض عليهم.... فهذا كان مبدأ راسخا لديهم .... لا يقبل الجدل و الجدال !

اذكر اني تحاورت سابقا مع احد الاصدقاء السلفيين ..... و لاحظت جمودا كبيرا في الحوار .... و ان هناك اراءا فكريه لديهم صلبة لا تتزعزع .... فهم يقتدون بالسلف الصالح اقتداءا يصل الي حد المطابقه ..... و هذا ظاهريا شئ رائع و جميل و هو هدف كل مسلم و منهم انا .... اما عمليا فهناك تناقضات بالجملة ...

نعود الي فتواهم الاخيره ..... فقضيه رفض ترشح المرأه في الانتخابات او توليها موقعا قياديا هو من المبادئ الثابته لديهم ... و رغم ذلك .... فقد صدرت الفتوي باباحة ذلك .... استنادا لتغير الظروف !!!!!

عزيزي القارئ .... هناك فقه يدرسه العلماء الفقهاء فعلا يوضح متي و اين و كيف تتغير الفتوي و لعل العلامه د.القرضاوي احد البارزين المحدثين في هذا المجال .... و لكن هذا الفقه بالذات يكاد يتلاشي تأثيره لدي السلفيين .... فعندهم القضايا شبه جامده مجمده .....

من حق كل انسان او جماعه ان تفكر كما تشاء .... و لكن عندما تكون الجماعه حاملة راية الاسلام .... او الدين عموما .... هنا يجب ان تراعي نظرة الجميع اليها .... لانها تمثل رافدا من روافد الدين حتي و ان كانت بعض معتقداتها خطأ في نظر العلماء بعضهم او كلهم .... اما و ان تُغير من جلدها او مبادئها- فجأه- لهدف دنيوي واضح و هو السلطه ... فهذا يضرب الشكل و المضمون في مقتل ...... فانا شخصيا كنت انظر لهذه الجماعه بنظرة معينه قبل هذه الفتوي .... و اليوم انظر لهم بنظرة اخري اكثر سلبيه بعد الفتوي .... رغم اني في الاساس متفق مع مضمون فتواهم الاخيرة .....

انها السياسه .... لعبة اللا اخلاق ..... تلوث كثيرا من يمارسها .... الا من رحم ربي

تحياتي
:)