هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • لن يغير من الحقيقة شيئا | 2024-07-26
  • لا لمسؤولية بيت ابني المتزوج | 2024-07-26
  •  دراسة التاريخ ليست إلهاءً | 2024-07-26
  • دَغبَش | 2024-07-25
  • الحرب والشتاء  | 2024-07-25
  • مرة أخرى | 2024-02-08
  • أول ساعة فراق | 2024-07-26
  • لحم معيز - الجزء السابع والأخير | 2024-07-25
  • لم أكن أعرفك … | 2024-07-26
  • لماذا المنهج الصوفي أفضل من السلفي؟ | 2024-07-26
  • الإنتاج هو الحل،، كبسولة | 2024-07-26
  • وكلما مر عليه ملأ من قومه !!!!! | 2024-07-25
  • ماتت سعادتي | 2024-02-05
  • دواء الدنيترا و سرعة ضربات القلب ، حالة خاصة ، ما التفسير؟ | 2024-07-25
  • انت عايز تتربى  | 2024-07-24
  • سيدات ثلاثية الأبعاد | 2024-07-24
  • أوامر النبي صلى الله عليه وسلم ونواهيه في رؤيا منامية، هل تلزم الرائي ؟ | 2024-07-24
  • المعنى الحقيقى للزواج فى زَمَنِنا هذا | 2024-04-05
  • الفجر والغسق | 2024-07-24
  • ليس محمد صبحي !! | 2024-07-24
  1. الرئيسية
  2. مدونة د محمد عبد الوهاب بدر
  3. جريمة ..

السلام عليكم و رحمة الله

ذكرتني بعد الاهوال التي اسمعها هنا و هناك ... بقصة حقيقية صادفتني منذ اكثر من عشر سنوات او يزيد .... و لعل هذه القصة تحديدا قد قفزت الي مقدمة ذاكرتي فجأه لمقابلتي لأكثر من قضيه عائليه في محيط الاصدقاء تكاد تشبهها .... لكنها لا تتطابق معها حرفيا علي كل حال من الاحوال - او هكذا اظن

في يوم من ايام العشرينات :) .... كنت مسافرا في حافلة , متجها الي المنصورة ... و تصادف جلوسي بجانب سيدة اربعينية وقورة الهيئة .... سكندرية الطابع و الطلعة ... ترتدي زيا محافظا و محتشما ....

و كعادة السكندريين الودودين ... تبادلت معي اطراف الحديث سريعا ... الذي بدأته هي - كعادة البادئين - بأن كراسي الحافله ضيقه ... و الطريق الزراعي الواصل ما بين الاسكندرية و المنصوره سيئ ... ثم "اسم حضرتك ايه و بتشتغل ايه و متزوج و لا لا و هلم جر " ....

هذه السيده كانت في زيارة للمنصورة لأن احد بناتها كان يدرس في جامعتها ... و كانت تحمل لها مالا و زادا و عتادا علي ما اذكر .... ثم تطور الحديث عن زوجها المهندس في احدي الشركات الحكومية الكبيرة .... ثم تطور الحديث اكثر و اكثر .... عن تفاصيل و تفاصيل التفاصيل

و يبدو ان هذه السيدة التي تكبرني عمرا بعشرين عاما ... و حجما بمقياس "كرسيين" من كراسي الحافلة الضيقه ... قد ارتاحت لي نسبيا علي ما اعتقد .... و قد كانت قد لاحظت اني لا ارتدي خاتم خطبة او زواج مما دفعها - كعادة - الامهات ان تريني صور بناتها املا في ان اكون "عريس" الغفلة :) ....

مفهوم هو اسلوب الامهات الذين يبحثن عن الستر لبناتهم .... بل و مقدر جدا في هذا الزمن الصعب .... و لكن مسألة التجاوب مع العرض مسأله نسبية خصوصا انه جاء عند "الكيلو 90" من الطريق .... :) مما دفعني بالتظاهر بالغباء الشديد و عدم الاستيعاب .... حتي اغلقت السيده محفظتها التي تحتوي علي صور البنات باحباط واضح ....

مع مرور الوقت ... و تبادل اطراف و اعماق الحديث ... فوجئت بالسيده التي ارتاحت لي علي ما يبدو أكثر مما ينبغي ... تقص عليَ قصة غريبه عجيبه ... و كانت خبراتي الحياتية وقتها لا تستوعب مثل هذه الابعاد الشاذة ...

حدثتني السيده عن زوجها بشكل آلي ... ثم تطرقت الي انه لا يعلم عنها شيئا و لا هي تعلم عنه شيئا ! ... فالحياة بينهما مقطوعه تماما رغم انهما يعيشان تحت سقف واحد و تربطهما وثيقه زواج .... !

لم استوعب هذا الشكل الغريب من اشكال الحياة ... لكني انصت لهذه السيده التي ارادت ان تحكي لشخص لن تراه ثانية ... و التي واصلت الحديث عن نموذج للحياة الزوجيه اللازوجيه ... فهو - اي الزوج - يذهب لعمله و يعود الي البيت مستقلا في غرفته .... يدير شئونه بنفسه ... و كل ما يفعله هو وضع مصروف البيت في مكان ما في البيت حتي تأخذه الزوجه لتنفق علي بناتها

لا اتصال حسي و لا نفسي و لا جسدي و لا لفظي و لا اي نوع من انواع الاتصال كان موجودا بينهما لمدة عشر سنوات .... حسب قول هذه السيده ... ! ...

في الحقيقه لم استوعب او بالاحري لم اصدق ان يكون في الحياة نموذج كهذا .... فانا لا اطيق ان اعيش ساعه مع شخص لا يكلمني او اكلمه .... ربما اتشاجر معه ... لكن قطع العلاقات النهائي مع التشارك في مكان الاعاشة فانه لأمر غريب مريب .... لا أتخيله

من داخلي لم اصدقها بالكلية .... لكنها عندما اسهبت في الحديث عن حياتها ... اتسعت حدقتا عيناي لأن ما هو قادم لم يكن ليخطر لي علي بال .. فقد قالت لي هذه السيده و التي تعمل "كوافيره " علي ما اذكر .... انها تعرفت علي رجل اربعيني مثلها يعاني مع زوجته مثل ما تعاني هي ... ثم بدءا بالتواعد و اللقاء و اقامة علاقة مثل علاقة الازواج دون غطاء شرعي و لا قانوني ....

عند هذا الحد لم استوعب جرأه هذه السيده علي السرد بهذا الشكل .... و لم استوعب ان تقدم سيده متزوجه علي مضاجعة رجل لمدة عشر سنوات .... !!

تقمصت دور الواعظ .. و بدأت في قول ذلك الكلام المكرر الذي يقال في مثل هذه الحالات عن الحرام و الحلال .... و انها يجب ان تترك زوجها و تتزوج الاخر بأقصي سرعة ... و مثل هذه العبارات المعروفة ... و لكنها ابتسمت تلك الابتسامه الحانقة و ردت بما معناه ان القضيه اعقد مما اتخيل أو بمعني آخر لا تتعب نفسك في الوعظ !!

وصلت الحافلة الي محطة الوصول ... فغادرت الحافلة سريعا الي سيارة التاكسي لكن هذه القصة لم تغادرني طويلا ... و اعتبرتها - وقتها - استثناء نادر يحدث مرة كل مليار حالة زواج .... !!

مرت الايام ... و تعاقبت السنوات و اذا بي اصادف قصصا و روايات في محيط زملاء العمل و بعض الاصدقاء .... تفاصيلها تمثل نسخه طبق الاصل من هذه القصة في شقها الاول المتعلق بالانفصال الحسي و النفسي التام بين الازواج .... و طبعا لا اعلم هل هناك نسخه من الشق الثاني من القصة ام لا و العياذ بالله

هذه المرة صدقت حينما استمعت للمرة الثانية و الثالثة لقصص سيدات ... يكررن بالضبط ما روته لي تلك السيده منذ احد عشر عاما او يزيد ... من حيث وجود حالة الزواج الشكلي بلا اي نوع من الاتصال الحسي او العاطفي او حتي اللفظي

و الحقيقه يبدو ان هذا النوع من المرض الزوجي اصبح منتشرا بشده .... فبعض اصدقائي من الرجال ايضا يتحدثون عن وجود لهذا المرض في محيط عائلاتهم و اصدقائهم ...

و الحقيقه لا ادري تحديدا كيف يفكر الرجل عندما يتخذ قرارا كهذا ؟؟

فلو افترضنا جدلا ان زوجته ... كانت نموذجا للسوء يمشي علي قدمين .... فكيف به ان يقطعها بهذا الشكل ؟!!

الذي اعرفه ان التسريح باحسان امر مباح و ضروري في بعض الحالات ... لكن ان يحتفظ رجل بزوجته دون اتصال من اي نوع ... لسنوات طويلة من اجل فقط الاحتفاظ بالشكل الاجتماعي للمنزل .... و حتي يكون للاولاد اب و ام عندما يرتبطون مستقبلا بأزواج و زوجات المستقبل .... فهذا فما لا يمك تخيله او قبول منطقه

انها جريمة نكراء بكل المقاييس

لأنه ببساطه - اي الزوج - ... يدمر الزوجه نفسيا تماما ...فتبدأ الضغوط تتزايد و تتزايد ... فاما ان "تكافح" هي و تطلب الطلاق ... او " تكافح" في الاتجاه الاخر لتحافظ علي بيتها و المستقبل الاجتماعي لبيتها ... و هذا يؤدي الي طريقين ... اما ان تخرج الزوجه عن السيطرة و تسير في طريق آخر قد يؤدي الي "مرافقة و معاشرة " رجل آخر .... او تموت من المرض و القهر ... و الناجيات من هذين المصير نادرات للغاية

ليست القضية الان مناقشة رد فعل الزوجه .... و لكن القضية الاهم هو تلك الجريمة التي يرتكبها هذا الرجل ... و هو يشعر ان زوجته مثلها مثل "كرسي الصالون" ... ان تركها دهرا سيجدها في مكانها .... متشحه ببعض غبار السنين ... يستطيع مسحه بجرة يد !!

هؤلاء الرجال يدمرون نفسا بشرية و يحطمونها تحطيما ....

مجرمون هؤلاء الرجال الذين يفعلون ذلك ....

عندما نفتش في ديننا الاسلامي نكتشف ان قوانين الحرب تغيرت علي يد الامام العظيم عمر بن الخطاب رضي الله عنه و ارضاه عندما قرر ان تكون اقصب مدة لغياب الرجل في الغزوات ستة اشهر حتي لا يبتعد عن زوجته ...

رجال اليوم لا يجاهدون في سبيل الله .... و انما يعيشون في نفس البيت و تحت ذات السقف .... و يهجرون لسنوات .... و هم يظنون ان التغيير لن يزيد عن بعض من ذرات الغبار تحط علي الزوجه .... دون ان يعلموا انهم دمروا نفسا .... و ربما ما اهو اشنع ...

تحياتي

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1569 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع