قال رسول الله ﷺ: «لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» (رواه البخاري ومسلم).
هذا الحديث الشريف يضع قاعدة ذهبية للعدل: لا استثناءات، ولا محاباة، ولا تمييز. فالعدالة في الإسلام فوق كل الروابط والمصالح، تطبق على القريب والبعيد، على القوي والضعيف.
لكن إذا نظرنا إلى واقعنا اليوم، سنجد أن المشهد مختلف تمامًا. بعض مشاهير "تيك توك" يُقبض عليهم بتهمة نشر محتوى مبتذل أو مخالف للقيم، وغالبًا ما يكون هؤلاء من البسطاء، لا سند لهم ولا نفوذ يحميهم.وهذا ليس مبرر للاسفاف ، وانما في المقابل، نجد بعض الفنانين والمطربين يقدّمون أعمالًا لا تقل إسفافًا وخطورة على قيم المجتمع وأخلاقه، بل ربما أشد تأثيرًا، لأنهم يخاطبون الملايين عبر الشاشات والمنصات، ومع ذلك يظلّون بمنأى عن أي مساءلة أو محاسبة.
الأمر لا يقف عند حدود الفن والإنتاج، بل يمتد إلى الإعلام نفسه. هناك إعلاميون يفتحون شاشاتهم لاستضافة التافهين، يصنعون منهم "نجومًا"، ويدفعون بهم إلى صدارة المشهد وكأن التفاهة أصبحت إنجازًا يُكرّم. وهكذا يتحوّل الإعلام من أداة للتنوير وبناء الوعي إلى منصة لصناعة "الترند" على حساب العقول والقيم.
المشكلة إذن ليست في وجود القانون، بل في تطبيقه الانتقائي. في أن يعاقب الضعيف بينما يُترك القوي، في أن يتحول الإعلام من رقيب إلى شريك في نشر الإسفاف.
العدل ليس رفاهية، بل هو أساس بقاء المجتمعات. وحين يغيب، يدفع الجميع الثمن: الغني قبل الفقير، والمشهور قبل المجهول.
ولذلك نقولها بوضوح: القانون لا يجوز أن يكون لعبة، والعدالة لا تُبنى على المزاج. ومن يكرّم التفاهة أو يصنع منها نجومًا، فهو شريك أصيل في خراب المجتمع.
ودمتم بخير.