كان يجلسُ هناك...
يُسندُ روحه إلى الخشبِ الصامت،
ويرتّبُ صوته على مهلٍ،
كمن يخافُ على الحروف من الانكسار.
كان إذا ابتسم...
تتسعُ المسافة بين التعبِ والسكينة،
وإذا تنهد...
هبّتْ كلُّ الذكريات من سباتها.
الآن...
لا شيء سوى مقعدٍ فارغ،
يحدّق بي كأنه يسأل:
"أين الذي ملأني دفئًا؟
أين الذي علّق على ظهري معطفه
وترك في زاويتي فتات الحكايا؟"
أمرُّ بجواره كمن يدوسُ على ظلّه،
أخاف أن ألمسه،
أخاف أن أجلس،
كأنّ الجلوس عليه خيانة،
وكأنّه لا يليق إلا به...
في كل مرةٍ أراه،
أشعر أني قاب قوسين من الانهيار،
وأن الدمع المؤجل...
يعرف طريقه جيدًا في حضرة الصمت.
لكنّي، رغم كل شيء،
أترك له الزاوية ذاتها،
وأهمس في قلبي:
سيعود، وإن طال الغياب... سيعود.