السلام عليكم و رحمة الله ...
قد لا نختلف كثيرا عن ان الانفتاح الاعلامي الهائل الذي بتنا نحياه بكل تفاصيله بات جزءا من حياتنا اليوميه و بتنا جزءا من أهدافه المعلنه و الخفيه ...
و بلا ادني شك فالفوائد لهذا الانفتاح المريع جمه ... فقديما عندما كان هناك قناتين كنت مضطرا ان تلتزم بالبرنامج الزمني الموضوع مقدما لترتيب برامج القناة .... فلا تحلم ان تشاهد موجزا لأهم الانباء قبل السادسه مساءا .... و اذا فاتتك نشرة اخبار التاسعة فقد فاتك الكثير الذي لا يمكن تعويضه .... و لا نغفل مسلسل الثامنه مساءا و الذي تجتمع عليه "الامه" في اكبر نسبه مشاهده علي الاطلاق ... و لو قررت هذه القناة أو اختها "اليتيمتين" ان لا ينقلا مبارة رياضيه هامه فلا تفكر ان تشاهد هذه المبارة في مكان آخر و ابحث عن الراديو فلربما تتابعها بأذنيك هذه المره....
اليوم الحال تبدل و اختلف ... تستطيع ان تشاهد نشره اخباريه مفصله و مفضله في الوقت الذي تشاء .... تستطيع ان تشاهد اي لقاء رياضي مهما كان ... تستطيع ان تستمتع بحلقات لمسلسل مصري او فيلم مصري في الوقت الذي يعجبك و بابطالك المفضلين ايضا ... !!.. تستطيع ان تستمع للقرآن في الوقت الذي تشاء ... تستطيع ان تسمع درسا فقهيا او دينيا او تسأل عن فتوي في اي وقت و حين .....
اذا دورة الحياة التلفزيونيه للشخص تطورت جذريا تحت تأثير "ميديا" تقدم له الرفاهيه و الحريه في شكل كبسوله ساحره ..... و مع كل هذا فلا بد من كبسوله اخري من السلبيات اللا نهائيه متمثله في السموات المفتوحه و التي غزتها قنوات الجنس بعنف ليتمكن اي صاحب "دش" ان يلتقط ما يشاء اذا ما وجه طبقه نحو القمر "الاوروبي مثلا " الذي يبث هذه القنوات الاباحيه الجنسيه الساقطه ...
هذه القنوات ليست - في واقع الامر - هي محور هذا الموضوع ... فمعظم ارباب البيوت يستخدمون "دشا" ثابتا موجها علي قمر عربي كالنايل سات مثلا ليلتقط حزمة القنوات العربيه فقط و التي ليس منها اية قنوات اباحيه !!!:D....
الذي اعنيه من هذا الموضوع هي تلك القنوات الغنائيه التي تطل علينا - ضمن باقة القنوات العربيه المشروعه رقابيا - في بيوتنا و في مطاعم الوجبات السريعه و في الشارع و المقاهي و محطات مترو الانفاق و اخيرا جدا في عملي :) ...
ففي حقيقة الامر اتعرض يوميا لجرعه لا بأس بها من هذه القنوات اثناء وجبة افطاري و التي اقضيها مع زملائي في استراحة المهندسين و الذي يحتل بهوها تلفزيون ضخم متصل ليل نهار "بدش" يلتقط قنوات النايل السات و من ضمنها القنوات الغنائيه العربيه الطربيه اللطيفه ...
لن اخوض في تفاصيل الضوابط الشرعيه للغناء كغناء .... و لكنني اتحدث عن ما تبثه هذه القنوات علي أنه غناء و طرب ...!!! (من وجهة نظرها البريئه)
الذي اراه و يراه الجميع - علي ما اظن - هي وجبه متصله من الجنس الاباحي الصريح لكل المغنيات و "المودلس" اللآتي يظهرن في تلك "الكليبات" ..... و لا تظهر اية مغنية جديده الا و تراها قد تخففت تقريبا من كل ملابسها الا فيما ندر ... ثم تمارس رقصا خليعا يساعد من لم يسعفه نظره في ملاحظة المغنيه العاريه جيدا .... و تظل علي نفس "مبادئها" و هي تنتقل من اغنية الي اخري ...
حاولت مره ان ابحث عن اغنيه "محترمه" من حيث شكل المطربه او المودلز فلم اجد !!! ... فالاغنيات تتابع في تسلسل دائم طوال الـ 24 ساعه و كلها "تابلوهات" اباحيه صريحه اشد فتكا من لو كانت هذه القنوات متخصصه في بث الجنس فقط...
حاولت ان الغي حاسه النظر ... و اشغل حاسه السمع ... لأتلمس هل يوجد طرب تبثه قنوات الطرب؟ .... و للاسف الشديد ... لم اشعر لا بطرب و لا يحزنون ...
اذا ما تبثه تلك القنوات هي وجبات من الاباحيه المقنعه .... و ابطالها من المغنيات ما هم الا عارضات لبضاعة رخيصه تحت بند فن الطرب الرفيع .... !!!
و السؤال الكبير الذي يطنطن في جمجمتي : هل هذه السياسه الاباحيه الصريحه لهذه القنوات العربيه و مالكيها العرب مقصوده ؟ ... ام تراني قد جنحت الي نظرية المؤامره علي اساس ان كل ما نفكر فيه هذه الايام يخضع لنظريات المؤامره التي تحاك حولنا من كل جانب ...
و وجدتني اتسائل ايضا: لو ان هناك فتاه ارادت ان تغني لتغني فقط دون ان تضطر لأن تخلع ملابسها او ترقص رقصا ماجنا .... هل ستجد من ينتج لها او يلحن لها او يعرض لها ؟؟؟؟؟؟؟؟ ....
و هل الساده القائمين علي هذه القنوات يشترطون ان تكون مغنية المستقبل ... مجرد راقصه عاريه رخيصه ..... و هل اهداف هذه القنوات اهداف ماليه فقط لجذب جمهور الشباب الظمآن لهذه المشاهد فيزيد من سعر الاعلان و تزيد رسائل sms لصالح القناه ؟ .... ام ان الموضوع سياسه ممنهجه و مخططه لأن يتجرع الشباب العربي الشرقي المسلم و المحافظ هذه الوجبه الدائمه و المتاحه من كل مشاهد الجنس و الاثاره و الاباحيه علي شكل فن و طرب ؟!!!!!!
بالطبع ... يمكن ان نختصر الموضوع الي ان ما تبثه هذه القنوات حرام و ننتهي من هذا النقاش ... فاذا كنت اخي القارئ قد حسمت امرك و قررت ان لا تشاهد هذه القنوات فأنا احييك بشده و ادعو الله لك ان تستمر ... لكن اعلم ان هناك الاف مؤلفه يشاهدون هذه القنوات ... و ان بيوتا بها اطفال و مراهقين تكاد "تلفزيوناتهم" لا تبث الا هذه القنوات و ما ادراك ما تأثير هذه المشاهد الاباحيه علي عقول المراهقين و الكبار معا !!!!!
تقول احدي الدراسات الحديثه ان هذه القنوات زادت بشده من نسبة الطلاق .... لأن الرجال المتزوجين يقارنون تلقائيا بين ما يشاهدونه علي الشاشه من "صواريخ" انثويه غير عاديه ... و بين زوجاتهم "العاديات" ... فترجح علي الفور كفة تلك الصواريخ ..... فيبدأ عقل الرجل الباطن بالعمل في اتجاهين مدمرين : الاتجاه الاول هو ان زوجته مقصره لأنها لا تبدو كتلك الجميلات او انه اخفق في اختيار زوجه ترضيه!! .... و الاتجاه الثاني هو الرغبه في تجريب احدي هذه الصواريخ الرخيصه المعروضه علي الشاشات ... و النتيجه المعروفه هو انهيار للبيوت و الاسر .... و شتات للعقل .... و انهيار في العلاقه مع الله
من نتائج هذا الغزو الجنسي المقنع .... ان حوادث الاغتصاب و التعدي و التحرش زادت بشكل مريع ... فالمراهق عندما يشاهد هذه المشاهد الساخنه علي الشاشه .... تتولد لديه افكار "هجوميه" نحو اية انثي يراها .... و يصبح الفيصل هنا في السيطره الذاتيه علي هذا الشاب او المراهق حجم القيم و الاخلاقيات المزروعه فيه ...
لقد آثرت ان لا اتطرق الي الحرام و الحلال في هذه القضيه ... فالقضيه محسومه دينيا و لا تحتاج لاجتهادات .... لكني اناقشها من زاويه اخري و هي : ما هية اهداف هذا الغزو ؟ ... و هل هو مقصود ؟ .. ام هي موضة العصر و هو ان تغني المغنيه عاريه راقصه مستفزه قبيحه ....
اصارحكم يا ساده .... فعندما اشاهد اغنيه او اغنيتين من تلك القنوات سواء اثناء وجبة افطاري في مقر عملي ... او اثناء تواجدي في مقهي او كافيه او مطعم "تيك اواي" ... اشعر بأن القلب اصبح صدأ و ان المسافه بيني و بين الله قد تباعدت بشكل كبير .... و ان البركه قد زالت من يومي ... و ان الما خفيفا - ربما يكون نفسيا - قد الم بعينيّ .... و لا يعيد الامور الي نصابها سوي اقرب و اول وضوء يتبعه صلاة ...
و اخيرا اتسائل ... لماذا لا يكون هناك حملة "لتنظيف" الاغاني من الجنس ؟ .... لماذا لا يكون هناك نقاش موسع مع كل الفئات يفضي الي تحجيم سياسة العري و خلع ملابس المغنيات و كأنهن غانيات في الاصل - و العياذ بالله - .... ؟ .... و لماذا لا يكون هناك موقف فكري محدد يوضح ان الفرق كبير بين الطرب و بين ما تبثه هذه القنوات ؟ .... و ان الحقيقه لا يوجد طرب و انما جنس يرتدي حلة الطرب قناعا علي استحياء .... !!
تحدثت مره مع احد المقربين للاجهزه الرقابيه الاعلاميه .... فحدثني حديثا جعلني اشعر ببلاهة القانون الذي ينظم الرقابه علي الكليبات المنشوره .... فالقانون قد منع بث الجنس و الاباحيه علي شاشات التلفزيون .... لكنه وضع معايير متي تكون اللقطه مسموح بها او ممنوعه ... ؟
اضحكوا معي :
اللقطه التي تبدو فيها سيده بدون ملابس لا تغطي العوره ممنوعه ... اما اللقطه التي تبدو فيها سيده ايضا بدون ملابس عدا العوره (محدده في القانون بمساحات صغيره جداجداجداجدا من الجسم) فهذه ليست ممنوعه ...
اذا كل المشاهد التي تبثها قنوات الاغاني في الكليبات هي مشاهد مسموح بها في نص القانون ... لذا فلا تفكير في مكافحة هذا الاسلوب بالقوانين ... و انما الاوقع بالوعي الثقافي .... اما ان يكون وعيا دينيا واضحا و مؤثرا و عميقا مفاده ان رؤية هذه الكليبات الخليعه انما هو خطأ شرعي ضخم يجلب اطنانا من السيئات و ربما يرتقي بالناظر الي مرتبة زني النظر و ليعاذ بالله ... او يكون وعيا فنيا طربيا مفاده انه لا علاقه "طربيه" بين الاباحيه و الطرب ... و ان ما يحدث اهدار للطرب الذي تستشعره و انت تستمع لعبد الحليم حافظ مثلا ......... و يا له من فرق رهيب ما بين الابتذال الرخيص ... و الطرب الحقيقي الرفيع "بتاع زمان"....
في النهاية احب ان اختم بنصيحه - لنفسي اولا - ثم لكل من تعود مشاهدة هذه القنوات الاباحيه المقنعه متلذذا بما يشاهد لا طالبا لطرب او فن ... ان يكف عن تلك القنوات فبها تصدأ القلوب التي في الصدور و تبتعد عن ذكر الله ... و تنتزع البركه .... و تنهار البيوت ... و يزيد الخطر علي اهلنا من النساء و الفتيات .... و الله الحافظ ... و الله الهادي ... و هو الغفور الرحيم
تحياتي لكم
:)