السلام عليكم و رحمة الله

منذ يومين كنت في قاهرة المعز ... مسافرا في شئون خاصة و عامه ... و اثناء عودتي .... كان رفيق الرحلة المرهقه في "الميكروباص" ... شابا اربعينيا ممتلئا قليلا .... كان يزاحمني المقعد الخلفي للسيارة المرهقه ...

تبادلنا اطراف الحديث ... ثم غرقنا في الحديث حتي ان من الله علي كلِ منا بسلامة الوصول ....

هو "سعيد صادق احمد" .... يعمل في مستشفي 57357 .... و تحديدا في قسم "العلاقات الحكومية" ....

سألته ما معني العلاقات الحكومية ؟ .... فاخبرني انه القسم المسئول عن التعامل بين المستشفي و بين الجهات الحكومية المختلفه ( كهرباء , ماء , جمارك ... الخ) ....

شدني الحديث معه عن هذا الصرح الطبي الراقي .... الذي تفخر مصر بامتلاكها اياه .... خصوصا انه يؤدي عملا خيريا كاملا بمتياز و بدون مقابل ....

و اول ما تبادر في ذهني هو ان أسأله عن رفض المستشفي لكثير من الحالات التي قطعت شوطا من العلاج في مستشفي آخر .... و عند التحويل الي مستشفي 57357 ... ترفض المستشفي الحالة رفضا باتا ....

لم يكن رفيق الرحله ..... طبيبا ... لكنه اجاب علي لسان اطباء المشفي ... بانهم - اي الاطباء - يرفضون قبول الحالات التي سبق لها بدأ العلاج في مكان آخر لان تغيير نوع و اسلوب العلاج و استخدام علاج كيميائي مختلف من الممكن ان يؤدي الي اضرار جسيمة بالحالة قد تؤدي بها الي الوفاة ... !

الرجل اجتهد في اجابته الغير مقنعه بالنسبة لي ... و حتي استشارة طبيب متخصص يوضح حقيقة الامر علي اساس علمي ... يبقي من المؤكد ان هناك سببا وجيها يجعلني اقرأ كثيرا - هنا و هناك - ان المستشفي ترفض بين الحين و الحين حالات سبق علاجها في مكان آخر .... !

رفيق الرحلة "سعيد" كان متأثرا جدا بحالات الاطفال المرضي ... و كان يتحدث حديثا صادقا نابعا من القلب .... عن ضرورة التبرع لهذه المستشفي دعما لرسالتها العظيمه .... و كان دائما يكرر امامي بانه كان يتمني ان يرزقه الله بالمال الوفير حتي يتبرع و يساعد الناس .....

اعجبني شعور هذا الرجل ... و شدني تأثره بمرضي المستشفي ... و صدقت امنيته و دعوت له و لنفسي ....

تطرق الحديث بيننا الي قصة المستشفي ... فقص الرجل علي مسامعي قصة المستشفي من وجهة نظره ... فاخبرني ان طبيبا كان يعمل في معهد الاورام - علي ما اذكر - و ذات يوم توفيت لديه ثلاث حالات في نفس اليوم .... فتأثر هذا الطبيب جدا و الذي اجاهد لتذكر اسمه (اعتقد هاني ابو النجا او شريف .... ممممم الذاكرة تعاني "باد سيكتور" :) ) ....

هذا الطبيب تأثر و بكي كثيرا - و الحديث لسعيد صادق - ثم فكر في فكرة انشاء هذه المستشفي العظيمة ....

ذهب الطبيب الي الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق - و المحبوس احتياطيا حاليا علي ذمة احدي القضايا السياسيه - و عرض عليه الفكرة .... فرحب بها د.سرور ... و قرر التبرع بقطعة ارض يملكها للمستشفي ....

ثم قام د.سرور بعرض الفكرة علي السيده سوزان ثابت ... حرم رئيس الجمهورية السابق محمد حسني مبارك و المحبوس ايضا احتياطيا حاليا علي ذمة احدي القضايا السياسية

فقامت السيده الاولي سابقا بتبني الفكرة كليا - و الحديث لسعيد صادق - حتي انهالت التبرعات من كل حدب و صوب ... و تم انشاء المستشفي الفاخره جدا و المجانيه جدا ....

استوقفني حديثه عن قصة بناء المستشفي .... فسألته : لو صح ما تقول هل تقر بفضل سرور و سوزان في انشاء المستشفي ؟

فاجاب اجابة قاطعه : نعم ... فبدونهما لم تكن هذه المستشفي قائمة الآن ....

نظرت اليه .... ذات مغزي ...... فأردف قائلا : لا يوجد شخص "وحش" علي طول الخط ...

قلت له :صدقت ...

و يبدو ان اجابتي شجعته ان يقول : سوزان مبارك لها فضل علي اهالي منطقة "زينهم" بالشقق التي بنتها لهم ... و اهالي منطقة زينهم يقبلون يدها

سكت ... لأني لا اعلم اصلا اين تقع "منطقة زينهم" هذه ... لكني مقتنع تمام الاقتناع .... انه لا يوجد انسان فاسد مئه في المئه ... و لا صالح مئه في المئه .... فكلنا فاسدون و صالحون في نفس الوقت ... و نسبة الفساد الي الصلاح هي من تحدد عنوان الشخصيه النهائي ....

بالمناسبه .... فقد حاولت ان اقرأ قصة المستشفي الحقيقيه من علي موقعها الرسمي الذي تبرع به اللاعب ابو تريكه .... فوجدت كلاما انشائيا لا يمكن وصفه بقصة المستشفي ... يمكن لك عزيزي القارئ ان تقرأه بنفسك فيما بعد

واصلنا الحديث حول المستشفي .... فاخبرني سعيد صادق .... ان لاعبي الكرة من اكثر المتبرعين للمستشفي ..... و خصوصا لاعب الاهلي العملاق ابو تريكه ..... و ايضا اخبرني ان مدرب منتخبنا السابق حسن شحاته .... من المتبرعين الدائمين للمستشفي ....

اخبرني ايضا ... ان الفنان عمرو دياب تبرع بما قيمته 300 الف جنيه للمستشفي .... ثم تبرع بايراد حفل كامل يصل الي نصف مليون جنيه ....

اخبرني ان الفنان خالد صالح من المتبرعين ايضا .... بل و اخبرني ان مدرب الاهلي الحالي البرتغالي الجنسية "مانويل جوزيه" ... قد تبرع للمستشفي بجهاز اكتشاف مبكر للمرض ... و "شحنه" من البرتغال لمصر ... بناءا علي طلب من أبو تريكه" ....

اخبرني ان تجار الموسكي الكبار .... يتبرعون دوريا للمستشفي .....

اخبرني ان هيفاء وهبي زارت المستشفي و تبرعت ايضا .... و ان رائحه عطرها النفاذ التي وصلت الي الدور التاسع :) كادت ان تجعله يغشي عليه .... و ساهمت هذه الرائحه في شفاء بعض الاطفال افضل من اي علاج كيميائي موجود  ( تصريح لسعيد صادق بتصرف حسن يسير من كاتب هذه المقاله) :)

ذكر ايضا ... ان نانسي عجرم زارت المستشفي و تبرعت .... و كان من اجمل التبرعات في تاريخ المستشفي :)

و من الذين زاروا المستشفي و لفتوا انتباه "سعيد صادق " جدا .... هي حرم رئيس الوزراء التركي الحالي .... رجب طيب اردوجان .... فالرجل - اي سعيد صادق - كان مبهورا بادبها الجم و تواضعها الرهيب علي حد قوله عندما بادرت بالتسليم علي العامل الصغير اسوة بمدير المستشفي مرورا بالكبير و الصغير .... لكنه لم يعجبه قصر قامة الحرس الخاص بحرم رئيس وزراء تركيا ... و استغرب انهم ليسوا في طول "مهند" :)

سعيد صادق كان مبهورا لدرجة انه بدأ يتابع المسلسلات التركيه بعد هذه الزيارة و خصوصا "العشق الممنوع" ... فزاد اعجابه بتركيا .... و اهلها ... لدرجة انه اخبرني انه يتمني ان يزور تركيا في اقرب وقت لو هبطت عليه ثروه من السماء ... :)

استوقني جدا حديث الرجل عن تركيا .... و تذكرت موضوعا في مدونتي كتبته عن هذا الشأن .... حول تأثير الميديا علي الشعوب

الرجل كان مبهورا بالمستشفي ... و نظامها ... و رقيها ..... و مبانيها ... و مسجدها .... و كنيستها ....

نعم كنيستها .. فقد اخبرني ان المستشفي بها مسجد و كنيسه !! .... لدعم الوحدة الوطنية :)

ذكر لي ايضا ان المستشفي بها بنك الـ CIB .. موجود داخلها ... لدرجة انه قال لي : تصور ... مستشفانا فيها بنك :) ...

تحدثت معه حول ادارة المستشفي ... فاخبرني ان رئيس مجلس الاداره الحالي هي السيده الفاضله / علا غبور ... حرم رجل صناعة السيارات في مصر

اخبرني سعيد صادق ان رؤساء مجالس الادارات يكونون عادة "ناس كلاس" :) ... اي اناس من طبقات راقيه جدا ... لا تحتاج الي مقابل .... و انما تؤدي عملها الاداري تطوعا فقط ... و ذكر لي ان رئيس شركات "قبنوري" ... كان يوما رئيس مجلس ادارة المستشفي ...

الحقيقة ان الرجل كان يتحدث ... بفخر ... و بصدق ... و برجاء ....

الرجل كان يدعوا الله ان لا تنضم هذه المستشفي ابدا لوزارة الصحه ! .... فلما سألته لماذا رغم خبرتي العائليه بوزارة الصحه :) : فقال لي ان المستشفي تعمل بنظام محترم يعطي مرتبات كبيره للاطباء تجعلهم متفرغين للمستشفي و للبحث العلمي .... كما ان جامعة القاهرة و وزارة التضامن الاجتماعي و هي الجهات التي تتبعها المستشفي .... افضل بكثير من وزارة الصحه المصريه ... و ذكر كثيرا من التفاصيل التي يعرفها اي مواطن مصري شجاع اقترب من احد صروح وزارة الصحه المصرية ....

عند مشارف الوصول الي الاسكندريه ..... ودعت الرجل الذي شدد علي ضرورة التبرع للمستشفي باي شكل و باي قيمه و حسب اي قدره ... و اثني علي فتوي دار الافتاء بجواز اخراج اموال الزكاة الي المستشفي ... و التي ساهمت كثيرا في دعم التبرعات و ثباتها و زيادتها .... و لن انسي انه قال لي : "مصر فيها ناس بتعمل خير كتير اوي "

انه "سعيد صادق" .... المؤمن برسالة مؤسسته التي يعمل بها .... ادعوا الله ان يوفقه و يرزقه السعادة و الهناء و الاقلاع عن السجائر :) و الرزق الوفير و الصحة و التوفيق لاولاده ...

سعيد صادق لا يعلم ان مملكة تاميكوم نشرت موضوعا يناشد كل قارئ عزيز ان يتبرع للمستشفي في 10/8/2009 .... هنا:
https://www.mabdelwahab.com/msj/showthread.php?t=2688

و لا يعلم ان مملكة تاميكوم تبنت مبادرة لزيارة المستشفي ... قامت بها و ادارتها عضوة مملكو تاميكوم القديره / نادين يسري يونان ... في عام 2009 هنا:
https://www.mabdelwahab.com/msj/showthread.php?t=3690

في النهاية .... انقل لكم رجاء سعيد صادق

تبرعوا لمستشفي سرطان الاطفال ما استطعتم

تحياتي
:)