هبطت الليرة السورية..وهبطت معها القيم وتداعت دونها الهمم.. وسقطت المنظومة الأخلاقية لمجتمعنا سقوطا مدويا..

في البداية حصل توتر كبير وضغوط نفسية قاهرة جراء غلاء الأسعار.. وكنت أرى أبعد من مجرد هبوط العملة.. غمامة سوداء تظلل قيمنا..

وقد حصل وبأبشع صوره..

وبأقتم ألوانه وأحلكها..

وزأرت الأخلاق الذميمة وكشرت عن أنيابها طباع قبيحة.. وانتشر البخل والشح..وساد الغش،وتحاسد الناس حتى ليحسدون الأعمى على جمال عينيه والأقرع على كثافة حاجبيه..!!

وتواصى الجميع بالغل والحقد على كل ذي نعمة..بل سمعت بأذني عجبا..في عملية اسعافية لإمرأة عفيفة مستورة الحال.. تتلوى من الألم وكادت روحها تزهق لولا لطف الله بها..ومن حولهامشغولون بحظها السعيد اذ أمنت ثمن العملية !!!

ولقد شهدت الحرب والفتنة التي خربت البلاد وشردت العباد وتبعاتها وويلاتها لكني أقول وبكل أسف أن الحرب الإقتصادية فاقت مرارتها كل ماسبقها وكأنها ريح أتت على قيم المجتمع فاقتلعتها من شأفتها..

سيلومني البعض ويتهمونني بالمبالغة والتضخيم ..لكن ما عساي أفعل والواقع أسوأ من أن تصفه كلماتي..وأنا أسل من جرحي عباراتي..

وأكثر ما يؤلمني هو انتشار صفة البخل وتجذرها في النفوس..وليتهم يتذكرون حديث رسول الله صلى الله عليهم وسلم: (خصلتان لا تجتمعان في مؤمن:البخل؛ وسوء الخلق)..

وياليت شعري.. فالبخل وسوء الخلق الآن اجتمعا كسبعين يفترسان جسدا هو منهك أصلا"..فكان فريسة سهلة ميسرة لكل ذي ناب ..

ولتعلموا ..أن الولولة والتحسر ليست من سلوكيات نهضة الأمم وفلاحها..لكن الطبيب الحاذق يشخص المرض أولا" ثم لا يكتفي أن يضرب كفا بكف ويستسلم..بل يضع مبضع الجراحة.. ليتتبع موضع الألم فيخرج الورم والصديد من جسد مريض شارف على الموت..لينقذه لا ليؤلمه..

لذا ..تذكروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنما أهلك من كان قبلكم الشح،أمرهم بالكذب فكذبوا، وأمرهم بالظلم فظلموا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا)..

ومن اتقى الله في نفقته ومعاملته المادية في هذي المحنة قد عرف ما قصد فهان عليه مابذل..

وبالله التوفيق..