نحو بيئة عمل تطوعي جاذب
الخميس, 20 مايو 2010
أشرف الكرم - الرياض
نرى ونسمع كثيراً عن مجالات للعمل الخيري التطوعي، ونرى أناساً أفاضل يسيرون في ركب الخير، يتطوعون لتقديم كل ما يستطيعونه من أجل غيرهم ولنفع الآخرين من الناس، وهي حال صحية وجديرة بأن نتعامل معها بعقلية تطويرية دافعة بكل ما فيها ومن فيها إلى تحسين الاداء وزيادة الجهود وتعلية القيمة المستفادة في تلك المجالات الخيرية التطوعية.
وإذا أردنا أن نسبر أغوار تلك الأعمال الخيرية وما يجري في معظمها، فأجد لزاماً عليّ ان أذكر إيجابيات عظيمة غمرت بلادنا وأوطاننا العربية جراء وجود تلك المؤسسات الخيرية التطوعية، وقبل ان أبدأ في تقديم ما أراه واجب الايضاح بهدف الوصول الى التطوير والدفع بتلك المؤسسات الى الأمام، فهناك الكثيرون من الخيرين الذين يتطوعون باختيارهم لخدمة الآخرين ابتغاء مرضاة ربهم، وحرصاً منهم على قيام المجتمع بدوره المسؤول نحو أفراده بغية تطويرهم ودفعهم إلى الأمام.
لكنني لا زلت ألحظ متعجباً أن بيئة العمل الخيري التطوعي مازالت طاردة للناس غير جاذبة للكثيرين ممن يستطيعون العمل داخل تلك المنظومة المجتمعية التطوعية ولا نراهم اليها يقتربون، فهذا يبتعد خوفاً من النقد الجالد، وذاك يفضل التبرع بالمال لغيره ممن يعملون لخدمة المحتاجين، وهؤلاء قرروا أن ينأوا بأنفسهم عن القيل والقال.
وما يزيد تعجبي ويزيدني أسفاً، انني ألحظ عمالقة في العمل التطوعي العام، يتركون اماكنهم التي هي في احوج ما تكون اليهم، ويتنازلون عن كل ما بنوه في لحظات قاسية على نفوسهم، الا انهم لا يجدون مفراً من الهروب من بيئة العمل التطوعي العام.
وبرصد سريع لواقع العمل العام يتحول التعجب الى تفهم ما يحدث، فواقع العمل ينطق بلسان حال يقول: «مادمت تعمل في عمل عام فلابد ان تتحمل»، ولابد ان تسمع الاساءة لك، ولابد ان تقنع بإهدار حقوقك الانسانية ولا احترام لذاتك، وان عملك لله و«مادام لله فعليك ان تقبل الاساءة »!
وأجدني ارفض تلك المقولات جملة وتفصيلاً، وهي التي أراها أفسدت العمل العام التطوعي، وأبعدت الكثيرين من المعطائين هرباً بذواتهم من الاساءات والتعديات من البعض ممن لا يحسنون الا جلد الآخرين. أعتقد أن على المجتمع دوراً كبيراً في التصدي لتلك الاساءات التي تتوالى على من يعملون بالعمل العام التطوعي،
وان هذا الواجب هو الذي سيخلق بيئة صالحة وتربة خصبة تجذب الخبرات والعلماء والنخب للعمل في هذا المجال الطوعي،
بعد تأكدهم من ان مجتمعاً سليماً معافى قد ضبط بيئة العمل العام بتصديه للمسيئين الى العاملين فيه بوضع آليات صحيحة للنقد المضيف الذي يطور ولا يهدم،
وهو حق علينا جميعاً أن نفعل.