إنهم يبتزون مصر
الاهرام الالكترونية : 9-10-2011 | 05:11
لا تلبث احتجاجات فئوية تهدأ إلا و تبدأ أخرى و أخرى , , و لا تنتهي إضرابات ما, إلا و تتلوها غيرها بشكل أشد ضراوة و شدة في إصرار على ضرورة تلبية المطالب الفئوية الفردية في الآن و التو,
و أعتقد بأن تلك الاحتجاجات هي ظاهرة صحية تدل على نجاح ثورة يناير في تغيير النمط المجتمعي بممارسة حرية التعبير و إعلان المطالب بعد القهر و كبت الرأي في العهد البائد , ,
و أعتقد بأن الكثير من تلك الإضرابات التي تشل الحياة الاقتصادية بمصر أو تكاد , أن لها أسبابا منطقية بشكل أو بآخر , و لها منطلقات تعتمد على حقوق قد ضاعت في غفلة منا نحن أبناء شعب مصر لحقب طويلة , و أن لكل تلك المجموعات و الفئات حقوقا, على المجتمع كله أن يطالب بها لإحقاق أهم مبدأ من المبادئ التي قامت من أجلها الثورة , ألا و هو " العدالة الاجتماعية " و الذي يتوجب علينا جميعنا إرساؤه.
إلا أنه و إزاء تقاعسنا الشديد في فترة الحقب الماضية عن أداء واجبنا تجاه تلك العدالة المجتمعية و الاجتماعية , يتوجب علينا أيضا كمجتمع و كفئات فيه , أن نتخير الوقت و الزمان المناسب للمطالبة بتحقيق تلك الحقوق.
قد نتفهم بأن يقوم بعض من المواطنين الفئويين بتقديم مطالبهم , و تحليل أوضاعهم المالية و العملية , و أن يقدموا مطالبهم التي قد نراها عادلة في الكثير من مطالباتهم , , إلا أننا لا يمكن أن نقبل المطالبة بتحقيق الحقوق و المطالب الآن في ظل ظروف عدم الاستقرار و شبه الفوضى الاقتصادية التي تعصف بنا في مصر.
فكيف بالله نطالب مصر بأن تعطي الحقوق اليوم و هي مازالت على الأرض منكفئة , ؟؟
و بالأخص في وجود حكومة انتقالية أرى أن أكبر واجباتها هو إرساء الأمن و إجراء انتخابات نيابية نزيهة و ليس تحديد أجور أو توريط الإقتصاد بما لا تستطيعه الحكومة المنتخبة المقبلة.
أليس من الرشد أن نتكاتف بجميع فئاتنا ممن ظُلِموا أو لم يظلَموا و ممن أخذوا حقوقهم و من لم يأخذوا , بهدف أن نمد أيادينا لمصر لتقف اقتصاديا و سياسيا على قدميها , ثم حينها نبدأ في المطالبة "بتنفيذ" المطالب الفئوية المتعددة , , ؟؟
أعتقد جازما بأن كل من يعرض مطالبه الفئوية بشيء من الإضراب الذي يشل حركة الحياة الاقتصادية أو الخدمية , فهو يلحق بركب الذين يبتزون مصر و هي في أضعف حالاتها إداريا , , و أن على هؤلاء أن يرعووا , و أن يعلموا بأن أهل مصر الصامتين الذين ستكون لهم الغلبة في كل جولة من جولات الحراك المجتمعي لن يغفروا لهم هذا الابتزاز الذي يرتبط بالتشدد في تنفيذ المطالب الفئوية في التو , ,
أجدر بكم أيها الفئويين أن تقدموا مطالبكم و احتياجاتكم المشروعة دون أن تلووا ذراع وطننا مصر بالتوقف عن العمل حتى تنفذ مطالبكم , , التي لن تستطيع أن تلبيها مصر في شهور , و إن الذي لكم هو أن تطلبوا تحقيق المطالب في برامج زمنية منطقية , و أن تمدوا يد المساعدة لمصر بزيادة العمل و الإنتاج و الخدمات و ليس بالابتزاز و ليّ الأذرع الذي تمارسونه ,
و الذي لن يغفره لكم التاريخ ,, و لا شعب مصر.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
أشرف الكرم
مهندس معماري استشاري