كان والدي يعمل في مؤسسة اخبار اليوم

ليس في الصحافة و لكن في القسم الفني

و ارتبطت بدار اخبار اليوم التي كنت ازور والدي في مكتبه فيها
كنت اشعر بالفخر وانا صاعد للدرج العالي في مدخل مؤسسة اخبار اليوم
المبنى الاسطواني العريق
الذي كنت اشم فيه رائحة الصحافة في مدرسة الصحفيين و الصحافة

كانت جريدة الاخبار اليومية و اخبار اليوم الاسبوعية تاتينا يوميا
الى منزلنا بحي شبرا التليد
و كان اول ما تمتد اليه يدي عند رجوعي من المدرسة هو
هذه الجريدة التثقيفية السياسية الاجتماعية خفيفة الدم و الكلمات
و كنت اغوص في اعماق تلك المدرسة عبر الصحفيين العمالقة
الذين قرأت لهم كثيرا و يوميا
مثل المهندس المعماري الصحفي / جلال الدين الحمامصي في عموده دخان في الهواء
و عمود " نحو النور " لزكي عبد القادر
و كذلك احمد رجب في كلمته اليومية نص كلمة
و ايضا اخبار الناس للكاتب نبيل عصمت " ابو نظارة "
و كل خميس كان العدد الاسبوعي الذي فيه استراحة الاسبوع للكاتب محمود عفيفي

اتكلم عن فترة السبعينيات من القرن الماضي
حين كنت في المرحلة الاعدادية و الثانوية

ثم في اخر صفحة من تلك الجريدة الصحفية العريقة
اقرأ فكاهة القراءات و الفنان مصطفى حسين و ما يكتبه عن القذافي او عن المنابر السياسية " قبل ان تكون احزابا " و غير ذلك
مما ينشرح به الصدر
و كنت اعتقد بان الفنان مصطفى حسين هو صاحب النكتة الى ان اخبرني ابي بان احمد رجب هو الذي يبتكر فكرة النكتة



و على اليسار في الصفحة الاخيرة
كانت المدرسة الجامعية الفكرية عميقة الفكر
كان العمود اليومي للكاتب الاستاذ العظيم
مصطفى امين

" فكرة "

و الذي والى كتابته بعد رحيل توأمه الاستاذ علي امين في 1976 على ما اذكر

كنت اقرأ يوميا هذا العمود و اشرب معانيه و اتعجب من فكرة العمود
التي يبتكرها هذا العملاق العظيم
عملاق الصحافة " مصطفى امين "

كانت كلماته كلها رحابة في قبول الاخرين
و كانت موسوعة في قبول النقيض
و كانت حديقة غناء تذخر برياحين كلماته التي تشكل العقول

و لقد تاثرت بكلماته و بمعانيه و بصياغته السهلة السلسة القوية
بما جعلني اقص العمود يوميا
و الصقه في كراس لي من نوع " ميتكيس "
ذو اللون " البمبي "
و الذي فوجئت بوجوده بمكتبتي في شقتي بمصر في الاجازة الماضية في 2010
و بنفس طية العمود الملصق في صفحة الكراس

استمتعت و انا اعاود قراءة العمود اليومي لهذا العملاق
الذي تعلمت على يديه الكثير من معاني قبول الاختلاف و الدعاء لمن ظلمني بالخير و عدم مقابلة السوء بالاساءة
و استمريت في متابعته الى ان سافرت الى المملكة في اوائل التسعينيات

و قد وافته المنية في 1997 م


ثم انتبهت اليوم 13 ابريل
لاتذكر بانه قد رحل في نفس هذا اليوم
عملاق الصحافة و منشيء مدرستها الصحفية " اخبار اليوم "
مصطفى امين

تألمت كثيرا لنسياني ذكره كثيرا
و قلت لعلي بكتابتي تلك السطور انني ساذكر نفسي به
و ساذكركم بهذا الرجل الذي اضاف كثيرا
و الذي ظلم في قضية براته ساحات العدالة منها بعد سجنه الطويل ظلما و عدوانا

رحم الله استاذنا مصطفى امين
و رحم الله كل من علمنا حرفا
سواءا في الادب او العلوم

و اعتذر اليك استاذي الجليل
فلقد نسيناك كثيرا
و كنت انت من اوائل الذين دعوا الى الحريات و حسن الاخلاق