الاهرام الالكتروني : 22-4-2011 | 04:18
قصة قصيرة لأشرف الكرم
استيقظتُ صباحا على أنينها ، و هدير آلامها .. لم أعتد على هذا الصوت من قبل ، , ما الذي جرى , , ؟؟ فلقد كانت فتية شابة تمتلئ بالحيوية و الفاعلية و الصحة .. بل لقد كان جيراننا يأتون إليها سائلين مستفسرين يطلبون العون في الرأي و الفكر و المشورة.
أبحرت في مخيلتي سنين مضت , حين كنت أرى بعضاً من أبنائها صاخبي الصوت , , ينهشون جسدها .. و يشككون في رؤيتها ، وفي قدرتها على إدارة حياتها .. يعملون على تسفيهها وتقزيمها وتشويه اسمها لدى أحبائها و مَن هم حولها ، بل أيضا لدى مَن ترعاهم مِن أبنائها الصامتين.
كم كانوا كريهي الوجوه غليظي القلوب , , !! تحسست غرفتي صوب صوت الأنين المكتوم .. تلمست حوائط الطرقات بقلب ينبض خوفا عليها وعلى حالها .. أتساءل عن الذي جعلها هكذا تئن ؟!.. داعيا الله لأبنائها الذين رفضتهم طويلاً أن تلين قلوبهم عليها قليلاً. , ,"لعله خيرٌ يارب" هكذا دعوت .
ما زلت أتذكرهم جيداً .. كنت أشاهدهم على هذه الحال كثيراً .. وكنت أهِم بإبعادهم عنها لأنقذها من براثن أياديهم القاسية , , لكن خوفي على حياتها و وجودها حال بيني وبين ذلك .. يا لندمي الشديد .. "إنني لم أفعل" , هكذا صرخت حين رأيتها ممددةً منكفئةً على وجهها .. أدرت نظراتي يمنةً و يسرةً .. فلم أجد الأبناء المارقين ... لقد فروا مع أول هبّةٍ لأبنائها الصامتين المخلصين ..
فرحت بهم وبوقفتهم التي لم استطع أن أفعلها .. " نجحتم , نجحتم " هكذا قلتها بأعلى صوتي للصامتين ، لكنهم لم يسمعوني و استمروا في حساباتهم و حواراتهم و مشاداتهم , , يا إخوتي إنها منكفئة على الأرض تمد يدها تريد من يشد أزرها لتتعافى من عثرتها " هكذا صرخت " ، لكن أحدا لم يلتفت إلى ندائي و صرخاتي , ,
نَظرَت إليّ بعيونٍ مغرورقةٍ قرأت فيها استعطافٍ تقول : يابني لا تتركني , , نطق قلبي : أمي الحبيبة و هل للابن أن يترك أمه ؟؟ فأنت تمثلين عندي في أبنائك مسئوليةً في عنقي لن تزل .. و دم أبنائك الذين هبّوا لنصرتك من أيدي العابثين هو دَينٌ في رقبتي. و مددت يدي صوبها .. شددت بحنين على ساعدها لأساعدها .. فإذا هي لا تستطيع , , و كيف لها أن تستطيع , , فتلكم الأيدي وحدها لا تكفي ، و ظلت أمي مُمدّدة , , تشكو ابنائها الطيبين و ما هم به عنها منشغلون .
-------------------------