نعيش اليوم أعظم أيام العام، من حيث الفضل والقيمة والتميز، لأنه يوم عرفة الذي اختصه الله بالرحمات والمغفرة ورفع الدرجات والعتقِ من النار،
وفي كل عام وقبل هذا اليوم العظيم تدور المناقشات والجدالات حول الامتثال للتصاريح الرسمية الحكومية بالمملكة العربية السعودية، حيث يخرج البعض بتأشيره زيارة، ثم يمكثون متخفين بعيدًا عن الأنظار إلى حين يوم عرفة، ليتجهوا إلى بوابات مكة يخترقون الحواجز بشكلٍ أو بآخر، بطرق شرعية أو غير شرعية، بهدف الوصول إلى إتمام مناسك الحج بأي طريقةٍ كانت،
وأتعجب كثيرًا ممن يعبد الله بطريقٍ لا يرضاه الله، حيث أن أولي الأمر من المسؤولين على إدارة البلاد في المملكة، قد بينوا بوجوب أخذ التصاريح الرسمية قبل الشروع في دخول مكة لأداء فريضة الحج، وهذا المرسوم تم وضعه للحفاظ على أرواح وممتلكات الحجيج، حتى يمكن تأمين النفرة والتصعيد من وإلى عرفات، والمبيت بمنى وكل الإجراءات الأخرى، وهذا يتطلب حسابات للإمكانيات المتاحة من حيث القدرة البشرية لتنظيم تلك الإجراءات، وأيضًا من حيث محدودية المكان ومحدودية الزمان، وعلى ذلك فيكون واجب كل مسلم الالتزام بتلك التعاليم الحكومية الرسمية حفاظُا على الأرواح، والإذعان لهذا التنظيم الذي هو في صالح الجميع،
لكن الذي ألحظه من البعض، هو إهمال كل تلك المفاهيم والتركيز -بحب داخلي ذاتي- عندهم لأداء فريضة الحج بأي سبيل، رغم أن هذه الفريضة العظيمة هي على من استطاع إليه سبيلًا،
ولا أدري كيف تنقلب المفاهيم لدينا بهذا الشكل وبهذه السهولة، ليكون الهدف هو أداء الفريضة حتى لو بطرق غير صحيحة، وحتى لو خالفت تعليمات أولى الأمر، الذين أمر الله بطاعتهم وامتثال التنظيمات الاداريه التي يصدرونها.
إن يوم عرفة الذي نحن اليوم بصدده، يُعلِّمنا التسليم لتعاليم الله، حيث الذهاب إليه في زيٍّ موحد بسيط ليس فيه بهرجة وليس فيه تنوع، ولا آراء كلٌ حسب توجهه، هذا التسليم وهذه المساواة في الملبس، تجعلنا نتفكر في أحوال المسلمين اليوم، ونراجع مفاهيمنا الدينيه، ونتعلم أن الوصول إلى الله يجب أن يكون عبر التسليم له في أوامره، وعبر الوسائل التي يرتضيها.
وبصدق، نحن نحتاج لمراجعات عميقه لأسس ومنطلقات التفكير في الأمور الدينية، وفي طرق العبادة والأولويات التي يجب علينا معرفتها للوصول الى رضا الله، الذي امر بالتزام الأوامر التي يصدرها أولي الأمر وطاعتهم فيها، حيث قال سبحانه: {{وأطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم}} صدق الله العظيم.