مع علمنا بأن صندوق النقد الدولي، هو منظمة اقتصادية وليست هيئة سياسية، ولا يجب أن تعني بالسياسة، ورغم معرفتنا بأن إجراءات هذا الصندوق في ظاهرها الرحمة ومن باطنها الكثير من العذاب، ومع تسليمنا بأن البرنامج الاقتصادي الذي يفرضه صندوق النقد، هو "روشتة" علاج اقتصادي بشكل علمي ومدروس حسب "النظريات" الاقتصادية المعمول بها بالصندوق، إلا أنه من حقنا كمصريين وكإدارة مصرية، أن نتساءل عن جوانب أخرى تتعلق بالنواحي الاقتصادية بمصر، ومدى دقة دراستها من قبل الصندوق في برنامج الإصلاح الاقتصادي المُقدَم لمصر حيث تم إهمال دراسة أحوال السوق المحلي وآلياته المضطربة.
ولا يمكن التعامل مع صندوق النقد الدولي منفصلًا عن الأحداث العالمية التي تحيط بنا، حيث أن الالتزام ببرامج الصندوق يحتاج إلى ظروف سياسية محيطة مستقرة وطبيعية ومتزنة، حتى يمكن أن تتماشى الدولة وأدواتها الاقتصادية مع "النظريات" التي أفرزت البرنامج الاقتصادي الذي يفرضه الصندوق،
لكن الذي نعيشه واقعيًا، هو الاضطرابات الشديدة من كل الجهات حولنا، مما يربك السوق المحلي للبلاد، فهناك المناوشات التي يلجأ لها أصحاب سد النهضة، ومن الجهة الشرقية لا يخفى على أحد بأننا في حالة حرب حقيقية، ولن يكون بمصر استقرار اقتصادي دون أن تنتهي تلك الحرب الظالمة على أهل غزة ولبنان، مما أثر سلبا على اقتصاد الدولة وجعله غير مستقر،
وقد تفاقم الأمر بعد أن بدأ الحوثيين باليمن، بتهديد الملاحة عند باب المندب، مما عاد بخسائر فادحة على الدولة المصرية، ليزيد الحالة الاقتصادية سلبًا جراء تراجع الإيرادات، والتي كانت أحد اهم مصادر الدخل القومي لمصر، وأيضا تأثيرات الحرب الأوكرانية وزيادة تكاليف سلاسل الإمداد عالميًا وغير ذلك.
الا أن هناك بعدًا آخر، يجب أن نركز عليه في تعاملاتنا مع القرض المزمع، وهو إعلان تضررنا من وجود ملايين من المهاجرين على أرض مصر، سواءا من سوريا أو اليمن أو السودان أو فلسطين، وسنستقبل قريبا من لبنان أيضا، وهذا البعد السياسي يشكل ضغطًا كبيرًا على مصر، فهم يستفيدون بكل الخدمات التي توفرها الدولة بما فيها الخدمات المدعمة، مما يمثل ضغطا إضافيا على ميزانية الدولة ويربك السوق المحلي ويضعف القدرة على التحكم فيه،
وحق لنا أن يكون لنا تعويضًا ماليًا كبيرًا إزاء ذلك، مما يتوجب على الحكومة أن ترفع الصوت بذلك في المحافل الدولية، ولا يخفى على أحد أن أغلب تلك الحروب بهذه الدول العربية المنهارة، هو بسبب المؤامرات الخارجية التي أودت بتلك البلدان.
أطالب الحكومة المصرية، بأن تطالب بحقوقنا في تعويضات مالية مليارية من المنظمات العالمية والدول، لنقابل بها اضراب السوق المحلي، ولنستطيع بها استمرار استضافة اللاجئين، لضبط استقرار هذا البند في ميزانية الدولة، وحينها يمكن أن يسهم ذلك في إمكانية تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي مع هذا الصندوق.