"قد يمر الإنسان في إحدى مراحل بحياته بحالة من التشتت والضياع ، والرغبة الشديدة في الانعزال عن كل من حوله حتى أقرب الناس إليه يشعر بالنفور منه ، حالة من انعدام الرغبة في أي شيء ، حتى يصبح القرب والابتعاد سيان ، الشوق والجمود سيان ، والتذكر والنسيان سيان ، البقاء والرحيل سيان ، كل ماكان يريحه ويمتعه أصبح تقليديًا مملا ، لا هدف يسعى من أجل الظفر به ، ولا حلم يجهد لتحقيقه ، وكأنما وجد ضالته في هذه العزلة وذلك الانزواء وتلك النظرات الجامدة التي لا يغيرها ولا يجذبها أيًا ماكان ، فيصير مثل المركب الصغير الذي ملّ من الإبحار فآثر البقاء متهالكًا وحيدًا على أحد الشطآن يرقب حركة الأمواج من بعيد ويستقبل هجماتها من حين إلى حين دونما اكتراث ، لا يعلم الجميع أنه ليس في حاجة إلى إصلاح أو صيانة أو إعادة تصنيع ، إنه في حالة انتظار وترقب منذ زمن بعيد لموجة حانية تحتضنه برفق وتحتوي آلامه وأحزانه وتسحبه شيئًا فشيئًا إلى أن تستقيم أركانه وينصلح ما اعوجّ من بنيانه ويعود إلى الحياة مرة أخرى "