نريد عاماً يُغاث الناس فيه, تموت فيه الحروب, تجف أنهار الدماء, تملأ الأجواء بحمامات السلام, وأغصان من الزيتون, تبتسم الأمهات حين تنتهي المآسي, ويعود بنيها إلى أحضانها, نريد عاماً من الحب, فقد جفت جذوره, تساقطت أوراقه, نريد عاماً, يقل فيه البكاء والأنين, عام من الشبع, ربيع لا ينقطع طوال العام, نريد لكلمات السلام أن تجوب الأرض, ترتفع كالأعلام, تتردد في كل ركن, تموت فوق الشفاه كلمات الحروب, أن ننسى صوت المدافع, والرصاص والدم المتساقط فوق جبين الضعفاء, نجفف دموع الثكالى, نراهن على النجاة, على إقتفاء أثر الجمال, نريد عالماً تمتلأ فيه السماء بصوت العصافير, بدلا من الدخان المتصاعد, من أثر الحرب, نعطي للأرض هدنة, نسمع أنينها المتصل, على موت بنيها, بيد ذوي القلوب المريضة, نريد عاماً لا تحجب الشمس فيه غبار الفتن, عام واحد من الضوء, يملأ الأفق, وينتشر في ربوع الأرض, تلتقى فيه النفوس على شيء واحد, أن يكون العام عام حب, أن تتفتح الأزهار بلا خوف, تخفت فيه نار الحقد, تنزوي إلى ركن بعيد, عام من نشوة القلب, عام من صمت الرصاص وطلقات البنادق, ونترك لصوت الضمير, أن ينطلق في عامه المنتظر, منذ قرون, نبتهل فيه بالصلاة, نؤمن بعقيدة الحب, عقيدة الشوق, أن نوجه جميعا قلوبنا نحو الجمال, فلا نرى غيره, ويسكن النور الجوانح, والجوارح, والقلوب التي في الصدور, نريد أن نطمس أعواماً من القلق والاضطراب, أن نمحوها من الذاكرة, نريد عاما يغاث الناس, بلا قتلى, بلا أسرى, بلا غرقى, بلا ثكلى, بلا جوعى, نترك الحياة أن تتتنفس هواءَ نقياَ, نلتمس عاماً من الفن, من الجمال, من الألحان نتغنى بها في الصباح, وعند المساء, عام من الجسور الممتدة بين الشعوب, والأجناس والأديان والآراء.
أنت ايها العام الجديد ماذا تحمل لنا؟ مزيد من الحرب والانتهاكات الإنسانية, مزيد من القتلى والثكالى, مزيد من الأسلحة والقنابل, من التهديدات من الدموع والدماء, من الشقاء الآدمي, من الجوع, أم تجمل لنا سلاماً, وعهدا جديد تعم فيه السكينة, أجبني أيها العام؟ قل لي من عالم الغيب عندك, أخبرني بكل صدق, نبأني بالخبر, لا تدعني أنتظر فالإنتظار يذبح الروح, ويحرق الإعصاب, ويلتهم الأكباد.