ألتقاء الثقافات, وإفراز عقول تتسع لإدراك المتناقضات واستيعابها, وأثرها على عقول وقلوب أصحابها, فكّها من قيود الإنعزال, وهو في رحاب العناء, والنظرة الضيقة, التي تعمي البصيرة, وتجعله لا يرى إلا في أضيق الحدود, جانب ضئيل منها يراها, ويظن إنها الحياة, لا يبصر أفق ولا سماء, ويظل منغلق أسير, لا يرى إلا ما لقنه أياه بصره العليل.
في هذا الجانب, يرى هؤلاء, التي لم تتفتح عقولهم لشيء, ولا ترى شيء, وتظن إنها بلغت مدى العلم والنبوغ والعبقرية, الإنسان المتدين بدين حشا به ذهنه, لا يمت للإديان الكتابية بصلة, إذ الإديان رحبة, تتسع بإتساع الكون المحيط, تلقي نظرتها في كل مكان, وفي كل زمان, وتبعث بظلالها في ربوع الكون, ترسل أشعة تضيء للحائرين ما حجبته الأيام والسنوات, خلاصة الدين عند ضيقي الأفق, لا يتعدى قذف الأخرين بالكفر وتضليلهم, واتخاذ ذلك ذريعة للسطو والمتعة, فهي العقول الفارغة, التي لا تجيد عمل شيء, سوى السياحة في عالم الجسد, عالمهم المنزوع من الروح, والذي يفتقد للعقل والمنطق, يقضي حياته كلها, في الهدم, في ممارسة قوته العضلية, التي تجهض أي رأس, أو أي تفكير, يقوم على عقل, أو منطق, يسعون في الأرض, عتوا وعلوا, لا يقفون عند رأي, ولا يحترمون رأيا, أو نقاش, مجموعة من المنتسبين للدين, هذا المحب الجاهل, الذي قد يدمر من حيث يعلم, ولا يعلم, رواية مؤلمة, تظهر لنا جانب من حياة, الناس يدعو للأسف ويعود بنا إلى حياة ضاربة في أعماق الزمن, يحيها رجال من هذا الطراز القديم المنغلق, على نفسه وحياته, مأساة الإنسان في تسخير نفسه, بيعه وشرائه, وسوق النخاسة, الذي لا يفني ويزول, وابتكار الإنسان في وضع ما يثير, وما يرجعه إلى حفرة الطين, التي كان يقطن بها, أمة مشتت الذهن, معصوبة اللب والقلب, لا ترى إلا ما يريده الأسلاف, وما يحكمون به, ولا يضير إذا الظلم صار واضحا, مألوفا لنا جميعا, جماعات تتخبط لا تعلم لها رأسا من ذنب, تزاحم دون معرفة, أو وعي .....كيف يرون الله كيف صورته؟ صفاته؟ إنهم ينقلون إلينا ما تعكسه نفوسهم المتردية.