في عالمٍ سريع الوتيرة، حيث الضوضاء لا تهدأ والمطالب لا تنتهي، يصبح الصبر عملة نادرة. البعض يظن أن الصبر ضعف أو استسلام، لكن الحقيقة أن الصبر قوة داخلية لا يملكها إلا من عرف معنى النضج العاطفي.
كثيرون يبدون هادئين، فيُخطئ الناس الظن ويعتبرونهم بلا مشاعر. لكن الحقيقة أنهم يعيشون كل التفاصيل؛ يتألمون بعمق، ويفرحون بصدق، فقط اختاروا أن يُخفوا عواصفهم الداخلية خلف سكون متماسك. الصمت في هذه الحالة ليس عجزًا، بل حكمة، والهدوء ليس جمودًا، بل وعيًا أوسع بالحياة.
الصبر لا يعني غياب المشاعر، بل يعني أن المشاعر تخضع لإدراكٍ أكبر؛ إدراك يرى أن كل شيء سيمضي، وأن أثقل اللحظات تحمل بداخلها بذور التغيير.
القوة ليست في أن نُظهر كل ما يجرحنا، بل في أن نعرف متى نصمت، ومتى نسمح لأنفسنا أن نعبّر. فالصبر بهذا المعنى ليس مجرد انتظار، بل فن العيش بسلام مع ما لا يمكن تغييره، حتى يأتي اليوم الذي يتبدل فيه كل شيء.