إن الأفكار الإنسانية العليا, التي لا ترى الشمس, هي أفكار ميتة, لا قيمة لها في حياة الناس, ولا أثر لها على جوانب حياتهم المختلفة, يجب أن ترى تلك الأفكار النور, ويرى الناس بريقها, ويهتدوا بها, وما فائدة الأفكار الجيدة إذا ما ظلت حبيسة العقول, تتآكل مع الزمن, ويخف بريقها, وتندثر وتموت, إن خروجها الى النور, إلى حيز الواقع, هو حياة بالنسبة لها, وهو الطريق إلى الترقي والنمو, نمو في الأفكار والعقول التي تتلاقح, وينتج عنها فكرا جديدا, يساعد على مواكبة العصر, والمساهمة في حضارته.
إن تاريخ الإنسان في حروبه على الأفكار الجديدة, ومجابهتها بكل سلاحة, تاريخ دامي مرعب, إن الافكار الجديدة, قد تلقى عنتا شديد من العامة, إذا تضاربت مع ما يعتقدون, أو أعتادوا عليه, وقد تجابه بشراسة من قبلهم, وتجد جمهور عريض يقف في مواجهتها, لذا وجب علينا حمايتها والعمل على بقاءها, فإن الجماهير الغفيرة التي تعاونت على محاربتها تموت, وتبقى الفكرة قائمة خالدة, تشق طريقها نحو الوجود والخلود.
فأصحاب الحوار الوطني, يجب أن يدركوا إنهم يرسمون خطى أمة, وسياسة شعب, وحياة قادمة لأجيال جديدة, تريد أن يكون لها يد في رسم خطى الإنسانية, يجب حين يكون هناك حوار وطني أن نُجب الأهواء والنزعات الفردية, والميولة الحزبية, والتكتلات الجماعية, يجب أن نضع قواعد إنسانية, بقطع النظر عن إتجاه الأحزاب والجماعات, إن التبعة التي ألقيت على عاتق, من يشارك في الحوار الوطني ضخمة, والمسئولية خطيرة, حيث يتحدد مستقبل أجيال قادمة, على أساس تلك الجلسات وعائدها ومردودها, فالإرادة السياسية هنا, يجب أن تكون إرادة قومية, نابعة من رغبة قوية في بناء حضاري شامل لشعب عظيم يريد المساهمة في البناء الإنساني لحضارة الإنسان.