حين تغضب للحق, فلا تتمادى في الغضب, فربما ساقك للمكابرة, وربما كانت نتائجه عكسية, فلا يُقبل منك نصيحة, ولا تميل إليك نفس, فالغضب للحق يحتاج إلى عدم الإنسياق فيه, ولا تعالج غضبك للحق, بغضب قد يخرجك عنه, ويميل بك إلى باطل, فالغضب الدائم لا يفيد الحق, ولا يوقف الباطل عند حد, ولا تتحجج به دفاعا عن الحق, فدائما الحق لا يعتمد على لحظات غضب لإثباته والإنتصار له.
إن مساندة الحق, تحتاج إلى قوة, قوة تحكم بالعدل, لا تبطش, قوة عزيمة, تحملها النفوس, وتكبر في الضمائر, وتدفع النفوس إلى الأفضل, أن يكون الحق في جانب الضعيف, لا أن تتلقفه يد البطش والظلم, وتتلاعب به النفوس المريضة, فهو لا محالة هالك, ينزوي في قاع حفرة, تدفنه أيدي الباطل بتراب أرجلهم, لا بد من قوة عاصمة, قوة عاقلة, ترى الحق حقا, فتمهد له الطريق للظهور والإنتشار, إن التكتلات حتى ولو كانت قليلة العدد, في مواجهة أعداد غفيرة تسوقها يد الباطل سوف تنهار, أمام قوة القلب والإيمان الذي يبعثه الحق في قلوب معتنقيه, من لم يسكن الحق قلبه, فهو ضعيف مهما كان السلاح الذي في يديه قوي, فهو هش خائر ليس له رصيد من قوة النفس والمشاعر, التي تستطيع أن تغير أو تقف في مواجهة أصحاب الباطل على كثرتهم في كل مكان, أقوياء لا لأنهم يملكون القوة, التي يدافعون بها عن باطلهم, إنهم أقوياء لأن الحق غافل, لا يتحرك, يائس محبط أمام هذا السيل من الهزل المحيط به ...