يعجبني كثيرا رأي الإمام أبي حنيفة رحمه الله حين أجاز إعطاء زكاة الفطر لغير المسلمين من أهل الكتاب المسالمين ، قال لأن الآية التي حددت مصارف الزكاة ، أعني قوله تعالى ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين ... ) لم تفرق بين فقير وفقير ، ولأن إعطاءهم من الزكاة من البر الذي قررته آية سورة الممتحنة ( لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ) . منتهى السماحة والتحضر والاحترام لآدمية الإنسان ، وهذا ليس لغريب على الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان ، فدائما ينظر بمنظور إنساني عميق ، ويكفي أنه الإمام الوحيد الذي قال بقتل المسلم بغير المسلم المسالم ، عملا بعموم قوله تعالى( النفس بالنفس )أما زكاة المال فلا تعطى عنده لغير المسلم ، لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ) وبذا يكون قد اتفق مع الجمهور فيما يختص بزكاة المال ، ومن ثم تناقلت المصادر الإجماع في هذه المسألة . وإذا علمنا أن بعض المتأخرين من فقهاء المالكية يرون أن زكاة الفطر سنة لافريضة ، فهذا معناه أنها مما يتوسع في مصارفها كشأن الصدقات كلها ، ومن ثم جازت للمسالمين من غير المسلمين ، والله أعلم .