تقدم في المنشور السابق كيف احتوت مدونات بعض الفقهاء على الكثير من الآراء التي أسهمت في التعزيز من ثقافة التمييز بين الرجل والمرأة على مر العصور ، حتى استقر هذا التمييز في الوعي العميق لدى العامة وربما كثير من الخاصة ، ومورس سلوكيا على أنه من الدين ، وماهو منه في شيء .

 

والآن هيا بنا نستكشف سويا إلى كم زيف وعينا الديني !!! مع العلم بأن ماسوف أسوقه هنا إنما هو على سبيل المثال وليس الحصر : 

- في القرآن الكريم سورة كاملة تسمى سورة النساء ، أكدت منذ مطلعها على حقيقة أنه لافرق لافي الإنسانية ولافي المكانة عند الله بين ذكر وأنثى ، وكذلك بالنسبة لأمر الثواب والعقاب ،و تبوئ درجات الجنة أو درك النار ، ببساطة لأن الجنسين خلقا من نفس واحدة ، كما يؤكد مطلع السورة " ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة " 

-وسورة أخرى في القرآن الكريم هي سورة الطلاق وتسمى سورة النساء الصغرى ، وهذه السورة تكرر فيها كثيرا الأمر بتقوى الله في النساء ، لأنها جاءت لترعى حقوقهن ، وتؤكد عليها في أحلك ظرف يمكن أن تمر به المرأة وهو طلاقها . 

- وفي القرآن الكريم سورة كاملة اسمها مريم ، تخليدا للقديسة مريم ابنة عمران المصطفاة عند ربها ، والتي لايوزن بها ملايين الرجال عبر العصور قدرا ومكانة وسموا عند الله والناس . 

 

-وسورة أخرى تسمت باسم سبأ تخليدا لذكر ملكتها الحكيمة الرشيدة وماكان من أمرها مع نبي الله سليمان ، وعبقريتها في الحفاظ على مملكتها ، ثم إسلامها لله لالسليمان عليه السلام ولالملكه .

 

- ويخلد القرآن الكريم كذلك ذكر امرأة فرعون ، التي استطاعت أن تخط لها مكانة في قلب هذا الطاغية الأكبر ، حتى أذعن لرأيها حين أشارت عليه باتخاذ موسى عليه السلام لها وله ولدا ، استسلاما لقدر الله فيه بأن يربي هو بنفسه في قصره من سيهلكه الله على يديه. 

 

- كما خلد القرآن ذكر أم موسى عليه السلام ، التي أحسنت التوكل على ربها فألقت بابنها الرضيع في اليم ثقة في وعده تعالى لها " إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين " 

 

- ويستقبل النبي صلى الله عليه وسلم وافدة النساء التي جاءت لتستفهم منه صلى الله عليه وسلم ، عن موقع المرأة ومكانتها عند ربها في الجنة ، حين يحول بينها وبين شهودها كثير من محافل الخير اشتغالها بأمور البيت والزوج والأبناء ، فيطمئنها النبي صلى الله عليه وسلم بأن شهود الرجال ماذكرت لايعني الأفضليه لافي دنيا ولافي أخرى ، وأن ماتقوم به المرأة من هذه الأعمال التي تخص أسرتها ، يعدل ثواب المجاهد المرابط في سبيل الله ، والتي هي أعلى درجة يثاب عليها الرجل ، فقال "حسن تبعل المرأة لزوجها يعدل الجهاد في سبيل الله " 

 

 - ثم إن القران كله حين يتحدث عن الإنسان من حيث التكريم الانساني ونيل المكانة الأخروية بالعمل الصالح ، يتحدث عن بني آدم و لافرق بين ذكر وأنثى .  

ولم أجد آية واحدة فرقت بين الجنسين من حيث المكانة الإنسانية ، والثواب  

والعقاب ، أو استحقاق دخول الجنة أو النار . 

 

فاذا ماوضعنا في اعتبارنا ملازمة المرأة لحالة الجهاد مع أبنائها ، التي لاتنفك عنها منذ حملها الأول وحتى وفاتها لتأكد لنا زيف هذه الثقافة التمييزية ،وفساد مشربها ، وأين هؤلاء من قوله صلى الله عليه وسلم : أمك ثم أمك ثم أمك اعترافا بعظيم دور الأم ومجاهدتها في التربية والرعاية ، وإعداد العظماء والقادة .

 

والآن وبعد هذه التقدمة الموجزة جدا ، هل يسوغ لنا نحن النساء أن نقول - وبمنطق بعض الفقهاء و المفسرين -بأن جنس النساء أفضل عند الله من جنس الذكور ، وأن النصيب الأوفى في الآخرة سيكون من حظهن ؟ 

والجواب : كلا لقوله تعالى في كتابه الكريم " والآخرة عند ربك للمتقين " وليس لجماعة المذكرين ، ولاجماعة المؤنثين . 

 

ودعونا من كل عصبية فإنها منتنة ، كما قال صلى الله عليه وسلم .