أعشق المنهجية والتفكير العقلي المنطقي إلى حد كبير ، ولكني أدرك وبالقدر نفسه أن أسرار الروح علمها عند ربي في كتاب ، وأن لها دروبا تسمو بها ودروبا أخرى تخلد بها إلى الأرض ، وكما أن المنهجية العلمية لايمكن أن تكتسب بالقراءة وحدها دون أستاذ يأخذ بأيدي طلابها ، بل ويدربهم عليها تدريبا يحتاج إلى صحبة وطول زمان ، فكذلك الروح لابد لها من خبراء يفتحون دروبها المغلقة ومسالكها الوعرة ، أمام من يريدون الترقي بها خطوات في مدراج الكمال .
وأقول للذين يتهكمون على من يعتقد أن الشيخ المربي بمكنه أن يطلع المريد على أسرار وطرائق للذكر تفتح مغاليق قلبه ، يتعذر عليه الوصول إليها بمفرده .
أقول لهؤلاء : أيها السادة : مع هذا التقدم الهائل في علم الطب المادي : وجدنا العالم كله يقف باحترام يقدر الطب الصيني البدائي الذي يعتمد على الخبرة بمسالك الطاقة ودروبها المتشابكة فبي الجسد ، وكيف يفتح المعالج هذه المسالك عن طريق الوخز بالإبر في مناطق بعينها ، وبطرق مجربة اللاحق يأخذها عن السابق . ثم إنهم انتهوا في هذا الى نتائج مبهرة سلم بها الطب الحديث وانحنى لها احتر اما ، بل واعتمدها وحاول أن يتعلمها .
أعود فأقول : ماالغريب إذن إذا قلنا إن لدينا مربين تفضل الله عليهم وبطريق الخبرات المتراكمة ، لاحقا عن سابق أن يقفوا على طرائق وكيفيات يتحول معها الذكر من ألفاظ تتردد على اللسان ، إلى أنوار تخترق أماكن عميقة في النفس والقلب ، فتثمر ثمرتها في الروح ؟ .
أزمتنا الحقيقية تتمثل في أن كل واحد منا يرى وجهة نظره هي الحقيقة الكبرى ، التي يجب أن يلتف حولها الجميع ، والأزمة الأكبر هي هذه الحالة من الانكار بشدة على كل من يختلف مع الآخر في وجهة نظره ،وهل هناك إشكال في أن يذكر كل إنسان ربه بالكيفية التي يراها تقربه إليه سبحانه دون إنكار على غيره ؟
وحقيقة لم أفهم إلى الآن ما وجه الارتباط بين أوصياء الدين والشيوخ المربين ؟ وأتحدث عن الشيوخ المربين بحق .
ألا فقف أيها العقل عند منتهاك......