أعظم درس من دورس الهجرة الشريفة نحتاج دوما إلى أن نجدده بداخلنا : أنه لايأس ، نعم …لايأس من روح الله أبدا .
فالألم يعقبه الراحة ، والحزن يعقبه الفرح ، والانكسارة يعقبها الجبر ، والصبر يعقبه النصر ، والعسر يعقبه اليسر ،ولن يغلب عسر يسرين " فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا "
فإثر عام الحزن ،وإحكام قريش قبضتها على دفة الأمور في مكة ، وتفننها في إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه ، كانت الهجرة الشريفة ، التي أعقبها بناء دولة مرهوبة الجانب في المدينة المنورة .
وحين اشتد الكرب بنبي الله يعقوب عليه السلام ، بعد أن فقد ولده الثاني " بنيامين " وكان قد فقد قبله ابنه الأثير " يوسف " عليه السلام ، لم ييأس بل اشتد رجاؤه ، وقال في ثقة المؤمن " عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم "
فكان أن حقق الله تعالى له رجاءه ، إثر هذه الحالة اليقينية التي غمرت قلبه الشريف عليه السلام ، أما حين انزوى قبل على نفسه متأسفا على ولده يوسف يبكيه بقلبه مكظوما ، فقد أسلمه ذلك إلى أن ابيضت عيناه من الحزن ، وعانى ألم الفقد وحيدا فهو كظيم .
فالمرء يبتلى على قدر دينه ، وأشد الناس بلاء في الدنيا : الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، كما قال صلى الله عليه وسلم . .
فإلى كل مظلوم ومكظوم ومحزون ومكلوم ومضطهد ومضيق عليه، أقول : لاتيأس من روح الله أبدا ، فعلى قدر ثقتك بربك يقترب فرجه منك .
وياأهلنا في غزة !!
إن كان الكيان الأثيم قد أحكم قبضته عليكم ، وأنتم وحدكم تقفون في مواجهته عزلا ، حتى احتسبتم نصف عددكم -تقريبا شهداء ومفقودين - وقد انفض الجميع عنكم ، وضاقت جميع السبل بكم ..
ههاهنا يجب أن يشتد رجاؤكم ورجاؤنا معكم في اقتراب النصر ، واسترداد كل ماسلب منكم : الوطن والبيت والراحة والعائلة والطمأنينة وأغصان الزيتون ، وحمائم السلام ..
وعسى الله أن يأتيكم بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم .
وكل عام أنتم وكل المسلمين بكل الخير ، عام هجري سعيد علينا جميعا .