من المزعج جدا أن أجد مثل هذه العبارة في رسالة علمية : ( الفقه وحي من الله ) :
أقول : هذا الخلط بين الوحي الذي هو النص ، وفهم النص الذي هو الفقه من الأخطاء الكبرى المزعجة المقلقة ، لأن هذا معناه ببساطة : منح صفة القداسة والعصمة للاجتهاد البشري الإنساني في فهم النصوص ، فالأفهام في النصوص متفاوتة بتفاوت عقول وملكات من يقومون بتفسيرها ، و بتفاوتهم فيما يملكون من أدوات معينة على فهمهم للنصوص ، وبتفاوتهم كذلك فيما بلغهم من أحاديث وآثار وسنن عملية تعين على التفسير الصحيح للنصوص .
ولو شاء الله تعالى للأفهام أن تتوحد في تفسير وحيه إلى البشر ، لخلق الناس أمة واحدة غير متفاوتين فيما وهبهم ، ولكنه تعالى لم يشأ ذلك تيسيرا عليهم من جهة ، ولأنه تعالى أراد أن يكون الإيمان به حرا لاقسرا من جهة أخرى " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) قال بعض المفسرين : أي وللاختلاف خلقهم .
وشيء آخر مهم وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم "لم بفسر من نصوص الوحي إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل عليه السلام " ، كما قالت أمنا السبدة عائشة رضي الله عنها، ليترك لأذهان المجتهدين هذه المهمة من بعده صلى الله عليه وسلم ، حتى لايلتزم الناس رأيا واحدا فيكون ذلك من التعنيت عليهم ، والله تعالى لم يجعل في دينه من حرج .