كلام رائع لأستاذنا الكبير سعادة الأستاذ الدكتور / محمد بلتاجي حسن عميد كلية دار العلوم الأسبق رحمه الله تعالى :
يقول " ومما يدل على المنزلة العالية للصبر على أمور الغيب التي يبتلى بها الإنسان من خير أو شر : أن الله تعالى قدم (الصبر )على (الصلاة ) وهي ركن الإسلام الأول بعد الشهادتين ، حيث قال تعالى " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون "
يعني أن الذين يطيقون الصبر على مايأتي به الغيب فعلا ، إنما هم الذين يؤمنون بالغيب ويوقنون بأنهم ملاقوا ربهم وبأنهم إليه راجعون .
أما أولائك الذين لايؤمنون بذلك ويقصرون وجودهم على الحياة الدنيا ؛ فما أبعد صبرهم عنهم !!وماأشد يأسهم وقنوطهم !!ومن ثم فأبعد الناس عن اليأس والقنوط هم المؤمنون بعالم الغيب ، الصابرون على ماأصابهم في حياتها الدنيا . 
ثم يقول : وقد وردت مادة " الصبر “ في عشرات الآيات القرآنية ، وكلها تبشر الصابرين بما ينتظرهم من ثواب عظيم عند ربهم ، هذا بالإضافة إلى مايجازبهم الله به في الدنيا من رضى وطمانينة نفس وحياة طيبة ، يعيش فيها الانسان في سلام مع نفسه وربه رغم مايصيبه من ابتلاء وفتنة .
ثم يقول : ونصوص القرآن الكريم والسنة المشرفة ، تدل في مجموعها على أن الإيمان في حقيقته هو "الصبر "
فالعقيدة إيمان بالله وصبر على مالايفهمه الإنسان من حكم الغيب ، والفضيلة صبر عن الفتنة والفحشاء والانسياق لهما ، والعبادة صبر على أوامر الله رغم كل مايحيط الانسان من مثبطات للعزم ، والمعاملات صبر على تنفيذ أوامر الله في معاملة الخلق ، وإسلام الوجه لله في الكوارث صبر على مايزلزل النفس ويهد القلب ، احتسابا للأجر عند الله وتسليما بحكمته ورضى بقضائه … وهكذا فكل أمر المؤمن صبر ، ولهذا لايوجد إيمان دون صبر ، ومن زعم غير ذلك سقط في أول اختبار "
من كتاب دراسات في السنة النبوية ص ٢٢٠
الله الله ياأستاذنا نور على نور رحمك الله ورضي عنك …
في الصبر إذن الراحة والسعادة والجزاء الأوفى ، وهو آية الإيمان بالغيب وبلقاء الله في الآخرة ، ولاسعادة في الدنيا بلا صبر ولاجزاء في الآخرة دون صبر.
ويكفي هذه البشرى للصابرين " ولنجزين الذي صبروا أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون "
يعني إذا صبرت ورضيت جوزيت على كل عبادتك وعملك بأفضل أداء أديته ، فتجارى على صلاتك كلها بأجر أفضل صلاة صليتها ، وكذلك على صيامك وعلى قيامك ، وعلى إنفاقك وزكاتك وصدقتك وبرك وسعيك وودك وسائر عملك، وبلا حدود في الجزاء .
" إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب "