الأدلة على تبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم مع النساء عامة والتودد إليهن ثابتة بعدد وافر من الأحاديث ، حتى إنه صلى الله عليه وسلم كان يذهب إليهن في مصلاهن يعظهن ويذكرهن ويصغي إليهن ، وكانت تتوالى زياراته صلى الله عليه وسلم لبعض النسوة ، ومنهن السيدة أم هاني رضي الله عنها بنت عمه أبي طالب ابن عبد المطلب ، وقد كانت لها رضي الله عنها مكانتها عنده صلى الله عليه وسلم ، ومن ثم أنزلها الصحابة رضوان الله عليهم منزلة خاصة فيما بينهم .
و قد لفت نظري وأنا أراجع في بعض كتب السنة المشرفة هذا الحديث الصحيح الذي رواه مسلم رحمه الله وغيره :
أنه بعد انتقال رسول الله صلى الله عليه إلى الرفيق الأعلى قال الصديق أبو بكر لعمر رضي الله عنهما "انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها"
هكذا بكل بساطة أراد أبو بكر رضي الله عنه أن لايقطع مودة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السيدة أم أيمن رضي الله عنها فكانت هذه الزيارة، التي إن دلت على شيء فإنما تدل على أن مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته كان مجتمعا طبيعيا لايقيم حجبا كثيفة بين الرجال والنساء ، ولكن التواصل الودود الجاد المحترم النابع من الأخوة الإيمانية والصلة الإنسانية بين شقي النفس الواحدة كان سمة من سمات هذا المجتمع .