سؤال آلمني كثيرا
👇👇👇👇👇
تقول السائلة :
ما حكم الصلاة والصيام لمن جاءتها الدورة الشهرية لكن بدون نزول الدم؟
والسبب في ذلك العنف الأسري وماترتب عليه من سوء التغذية ومضاعفات خطيرة من فقر الدم والأنيميا ونقص العناصر الغذائية ونحو ذلك.!
ثم تقول السائلة : وكيف تجب علي الصلاة والصيام ، وأنا لايمكنني حتى الوقوف بسبب الألم والمضاعفات المصاحبة حتى ولو لم ينزل دم ؟ أعتقد أن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر ، خاصة في زماننا هذا وأنتم أهل العلم إن شاء الله.
انتهى السؤال ملخصا .
وأقول للسائلة : حقيقة تألمت كثيرا لسؤالك لدرجة التوجع ، وقبل أن أجيبك فقهيا أود الاستفسار منك عن أمر مهم ، وأنت التي يبدو من كلامك أنك حاصلة على مؤهل عال ولست إنسانة بسيطة أو عادية .
واستفساري هو : كيف تقبلين على نفسك أن يمارس ضدك عنف أسري إلى هذه الدرجة؟ وهل وصل الى درجة التجويع مثلا حتى أصبت بالأنيميا ؟
أم أنك لهول ماتتعرضين له لا يمكنك استساغة الطعام والشرب حتى وصلت إلى هذه النتيجة المحزنة ؟ ولماذا كل هذا الضيم ؟
ومن قراءتي لرسالتك استشعرت أنك لاتزالين بنتا في الغالب ، وهذا معناه أن هذا العنف إما أن يكون من أب أو أم أو أخ أو ممن في درجتهم ، وهؤلاء جميعا لايجوز لأحد منهم أن يمس منك شعرة بقصد الأذى والإضرار
، وسكوتك على هذا الأذى أربأ بك أن تظنيه برا أو طاعة أو يكون تأثما من التشهير بمن آذوك وهم أهلك وعشيرتك ، أحاول فقط أن أفهم كيف تفكرين !!
ياابنتي الحبيبة ماأنت فيه سماه القرآن الكريم ظلما للنفس ، والظالم نفسه لايقل إثما عند الله عن الظالم غيره .
في آية كريمة يقول الله تعالى " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها
فأولائك مأواهم جهنم وساءت مصيرا "
فالذين قبلوا أن يعيشوا الضيم والذل تمسكا بديارهم وأوطانهم، ولم يفروا منها إلى حيث يأمنون ، كان هذا المصير المؤلم هو جزاؤهم .
وأنت ماذا تنتظرين ؟
أخشى عليك أن تعيشي هذا القهر ثم تحاسبي في آخرتك على ظلمك لنفسك ، لأنك لم تصوني الأمانة التي استودعك الله إياها ، وهي أنت بجسدك وروحك ونفسك، أنت بنيان الرب ، أتفهمين معنى هذه الكلمة ؟
وأسألك : ألا يوجد في عائلتك أو حولك رجل رشيد ، عم أو خال أو جار أو إمام مسجد يساندك في قضيتك ؟؟
وسأفترض أنه لاأحد حولك ،أقول لك يوجد خط ساخن خصصه المجلس القومي للمرأة للإبلاغ عن أية اعتداءات تتعرض لها أي أنثى ، وهم يقومون بدورهم بكل الاجراءات والحماية الازمة اها .
أو توجهي مباشرة لأقرب قسم شرطة وحرري محضرا ، حتى يرفع أمرك للقضاء وستجدين إنصافا بإذن الله .
وإذا كانت ساحات المحاكم مكتظة بآباء يشكون أبناءهم ، ويثير هذا استعطاف القضاة والمحامين ، فيجب أن نرتفع بثقافتنا السائدة حتى يعي الناس في بلادنا أن الآباء والأمهات ليسوا ذواتا مقدسة والأبناء عبيدهم ومماليكهم ، فالظالم يجب كفه عن الظلم ورده عنه بكل وسائل الردع ، وحسب درجة الظلم والتعدي ووسائلهما ، ولافرق في ذلك بين إنسان وآخر مهما بلغت منزلته .
وأخشى أن أكون قد أخطأت الفهم ، و هذا المتعدي عليك هو زوجك ،هاهنا يكون من باب الأولى السعي للتخلص من هذا الظالم بالطرق السلمية أولا ، فإن لم يكن فبالطلاق ولو عن طريق القضاء .
والآن جاء دور الإجابة عن سؤالك :
افول نعم : ترك الصلاة والصيام لسبب الحيض مرتبط بنزول الدم ، ولااجتهاد جديد في حكم كهذا ، لأنه من المسائل التي لاخلاف حولها مطلقا، والعمل عليها جار على مر العصور بنصوص ثابتة .
ولكن شريعتنا الرحيمة لم تكلف إنسانا فوق طاقته ، وتلفها الرخص والتيسيرات في جميع شعائرها ، ومن مبدئها إلى منتهاها .
وأنت بوضعك هذا مريضة تسري عليك أحكام المرضى ،والرخص المشروعة في حقهم .
فبالنسبة لصيام رمضان : يمكنك الفطر ،حتى يمتن الله عليك بالشفاء فتقضي ماعليك بإذن الله .
أما الصلاة فهذه لاتسقط عن المكلف أبدا حتى وإن كان مريضا ، مادام لم يصل إلى درجة الإغماء وفقدان الوعي .
فالصلاة و بهذا التوصيف الذي ذكرت من حالتك لاتسقط عنك مادم لم ينزل عليك دم الحيض ،حتى وان وجدت أعراضه كلها ،ولكن باعتبارك مريضة : يمكنك أن تصلي قاعدة، فإن لم تتمكني فعلى جنب .
ولك كذلك الجمع بين الصلاتين إن شق عليك أداء كل صلاة في وقتها ، وإن لم تقدري على الوضوء تيممي .
شفاك الله وعافاك وفرج عنك وقيض لك من ينصرك ويدفع عنك الأذى . آمين يارب العالمين .