الأشياء في ذاتها محايدة، بلا بريق ولا بهجة ولا معنى. هي مجرد تفاصيل صامتة تمرّ بنا، لكننا نحنُ من نُلبسها المعنى، ونصبغها بالقيمة.
كوب القهوة مثلًا، قد يكون مجرد مشروب ساخن في صباح بارد، لكنه في عيون عاشقين يتحول إلى لحظة دفء ولقاء. والكتاب قد يكون أوراقًا مصفوفة، لكنه في يد قارئ مُتيّم بالمعرفة يصبح بابًا لعوالم لا تنتهي. وحتى الأماكن —من شارع صغير إلى ركن مهمل قد تظل عادية لولا أن مررنا بها في لحظة صنعت ذكرى، أو احتضنت لحظة غيّرت حياتنا.
القيمة ليست في الشيء، بل في إحساسنا نحن به. نحن من نربط الذكريات بالأماكن، ونزرع الحب في التفاصيل، ونحوّل العادي إلى استثنائي. لذلك، حين نبحث عن السعادة خارج ذواتنا، ننسى أن المفتاح في الداخل. نحن من نخلق البهجة، ونصنع الرمزية، ونرسم الجمال.
إنها مسؤوليتنا أن نعيد اكتشاف البساطة في حياتنا اليومية، وأن ندرك أن قيمة الأشياء لا تأتي من مادتها، بل من الطريقة التي ننظر بها إليها. فما يبدو تافهًا لشخص قد يكون حياة كاملة لآخر.
في النهاية، الأشياء عادية… نحن من نضيف لها القيمة.