أتدري ما هو ذنبك؟
ذنبك أنك عميق...
عميق في زمنٍ لا يحتمل العمق، وزمنٍ يكتفي بالمظاهر ويخشى الغوص إلى الداخل.
بينما يطفو الجميع على السطح، أنت تغوص في المعنى.
بينما يكتفي الناس بالنظر العابر، أنت تذوب في التفاصيل، وتعيش الأحداث وكأنها جزءٌ من روحك.
ذنبك أنك لا تستطيع أن ترى الأشياء محايدةً أو باهتة.
أنت تُلوّنها بمشاعرك، وتكسوها بظلّ قلبك.
كلمة صغيرة تُحرك فيك عاصفة، وذكرى عابرة قد تبقى معك عمرًا كاملًا.
إنها لعنة الحساسين ونعمتهم في الوقت نفسه: أن يروا العالم أكبر بكثير مما يراه الآخرون.
وهذا هو ذنبك الحقيقي...
أنك نقي، لم تتعلّم الزيف بعد.
وأنك تحتفظ في داخلك ببراءةٍ تشبه الأطفال، وجنونٍ يشبه الحلم، وصدقٍ يخيف من اعتاد التمثيل.
مشكلتك أنك تؤمن بالمعاني في زمنٍ يستسهل القشور.
لكن، دعني أقول لك:
أجمل ما فيك هو هذا الذي يسمونه ذنبًا.
فالعمق ندرة، والنقاء كنز، والبراءة حياة لا يعرف قيمتها إلا من فقدها.
أن تكون مختلفًا ليس عيبًا، أن تشعر أكثر ليس ضعفًا، أن تحمل قلبًا حيًّا ليس خطيئة.
ربما تتألم أكثر، وربما تُرهقك التفاصيل، وربما تُرهقك صداقات وأحلام لا تليق بصفائك...
لكن في النهاية، أنت تعيش بصدق.
ومن يعيش بصدق، حتى لو نزف كثيرًا، يظل أكثر امتلاءً بالحياة من أولئك الذين لم يعرفوا سوى السطح.
فالذنب الذي تحمله، هو في الحقيقة أعظم فضائلك.