الاعتداء على الضعفاء ليس مجرد فعل عنف، بل انعكاس واضح لغياب التقدير الحقيقي للإنسانية. حين يوجّه شخص ما قوته ضد من لا يملك وسيلة للدفاع، فإنه في الحقيقة يكشف عن فراغ داخلي وضعف عميق، لأن القوي بحق هو من يقدّر قيمة الآخر مهما كان حجمه أو مكانته.
عدم التقدير يبدأ من التفاصيل الصغيرة؛ من الاستهانة بمشاعر الآخرين، إلى إهمال حقوق البسطاء، وصولًا إلى السخرية من الضعفاء أو الاعتداء عليهم. هذه الممارسات لا تفضح قسوة القلب فقط، بل تعكس أيضًا غياب البصيرة عن معنى العدالة والرحمة.
حتى الذبابة التي قد يراها البعض كائنًا لا قيمة له تحمل رسالة عميقة: أن احترام الحياة بكل صورها هو المقياس الحقيقي للتحضر. فحين يفتقد الإنسان تقديره للضعيف، فإنه في الواقع يفقد تقديره لنفسه، لأنه يتنازل عن أعظم ما يميّزه وهو إنسانيته.
إن القوة ليست في السيطرة ولا في فرض الهيمنة، بل في القدرة على التقدير؛ تقدير الآخر، وتقدير قيمة الاختلاف، وتقدير أن كل كائن مهما كان ضعيفًا هو جزء من لوحة الوجود التي تمنح للحياة معناها.