قصة بعيد كتابتها، لأن معناها يزداد وضوح مع كل أكتوبر جديد أعيشه بينكم:
بعد هجرتي إلى مصر بسنوات كنت أزور روسيا، وجلست مع جدتي مثلي الأعلى التي علمتني أن الإتقان شرف المهنة، وأن الإصرار هو الطريق الوحيد للنجاح.
سألتها:
زعلانة يا جدتي إني هاجرت لمصر؟
ابتسمت وقالت:
يا فيرا أنا ليا في مصر حتة حتى وأنا عمري ما زرتها، لأن شاركت بإيدي في صنع تاريخها..
حكت لي حكاية لم أنسها أبدا:
هي كانت تعمل في مصنع الطائرات "ميغ" في مدينتنا مدينة أومسك في سيبيريا، الذي أنشئ عام 1941 أثناء الحرب العالمية الثانية، وكان جميع العاملين فيه من النساء والأطفال بعد أن ذهب جميع الرجال إلى الجبهات. هكذا كانت حياتنا، وهكذا انتصرنا بعد أن فقدنا أكثر من 26 مليون إنسان معظمهم رجال..
كانت جدتي تصنع بيديها مراوح المحركات النفاثة على مخرطة ضخمة تعمل عليها وحدها لساعات طويلة..
ثم أكملت جدتي:
بعدها بسنوات في أوائل السبعينيات جالي استدعاء من المصنع نرجع نشتغل تاني لأن مصر محتاجة طيارات "ميغ".. اشتغلت شهرين متواصلين عشان مصر تسترد أرضها.. كنت تعبانة لكني فخورة إني أساعد شعب بيقاتل ببسالة علشان كرامته..
قالت لي وهي تضحك.
يا فيرا كل الطيارات اللي راحت مصر مراوحها أنا اللي صنعتها.
ومن يومها فهمت أن ما يربط بيننا كشعبين الروسي والمصري مش سياسة ولا مصالح، بل احترام متبادل وشرف العمل..
وجدتي المرأة البسيطة صنعت جناحا في التاريخ دون أن تخرج من مدينتها.
وأنا اليوم في مصر أصنع بخيوط القماش ما كانت تصنعه هي بالحديد والنار.
من طائرة ميغ إلى فستان حرير، الحكاية ليست عن حرب أو موضة، بل عن شعوب جمعتها التجارب القاسية التي مرت بها من حروب وضغوط.
قد نختلف في الشكل واللغة والمكان، لكننا نفهم جميعا لغة واحدة اسمها الكرامة والنصر..
عيد نصر سعيد عليكم، وعلى العالم كله بمناسبة نصركم العظيم في 6 أكتوبر 🇷🇺❤️🇪🇬
ادعوا لها بالرحمة لو سمحتم.