كان عام ١٩٦٩ هو عام سطوه القوات الجويه المعادي على قواتنا والتي كانت قد بدأت في التعافي ونفض تراب الهزيمه من فوقها وكانت طائرات العدو تمرح فوقنا على جبهه القتال غير عابئه بأي معايير شرف وكانت تقصف كل شيئ وعلى سبيل المثال في ثاني أيام عيد الأضحى لهذا العام قامت طائرات العدو بقصف قياده الفرقه الثانيه (فرقتي) وقياده اللواء الرابع المشاه (لوائي) كتيبه مدفعيه اللواء كتيبه دفاع جوي اللواء وقاعده صواريخ تحت الإنشاء على طريق الاسماعيليه /التل الكبير ومطار الصالحيه ومطار ابو صوير وكانت كتيبتي في هذا التوقيت تحتل معسكر تدريب في منطقه عزبه الخنازير الواقعه أمام معسكر عزت شرف والذي فيه قياده الفرقه الثانيه وشاهدت بعيناي شراسه وقسوه هذا القصف ولأول مره استخدم في هذا القصف القنابل العنقوديه (قنابل البلي والمسامير الثلاثيه الحاده) والانكي من ذلك أن من كان يقصفنا في هذا اليوم هم طلبه الكليه الجويه للعدو ومعهم المعلمين لهم فلقد كان هذا اليوم يحتفلون بتخرج دفعه من طياريهَم ونال كتيبتي من الحب جانب من هذا القصف ولكن الله سلم ولم يصب احد بشيئ
موقف جانبي مهم:
في رابع يوم العيد لهذا العام وبينما انا عائد من قياده اللواء سيرا على الأقدام وقبل دخولي بوابه الكتيبه بحوالي ١٠٠ متر حاذتني عربه جيب قادمه من جانبي وتوقفت ونزل منها الرجل المحترم المحبوب منا جميعا السيد الفريق محمد احمد صادق وزير الحربيه أيامها كان قادما لنا في الجبهه ليطمئن علينا بعد القصف الشرس الذي تعرضنا له قبل يومين والحقيقه لم أصدق نفسي انني اقف أمام وزير الحربيه وانا برتبه ملازم أول ووزير الحربيه ينزل من عربه جيب عاديه وليس معه اي حراسه سوي فرد شرطه عسكريه والسائق فقط المهم قدمت له نفسي بالطريقه العسكريه المتعارف عليها سألني عن احوالنا فرددت عليه بما اسعده وبعد دقيقتين وانا اقف مع سيادته حضر قائدي الحبيب المقدم / سمير الحملاوي وكان يعرفه فناداه باسمه مباشره ووقف معه دقائق بالصدفه كانت عربه التعيين خارجه من قياده الكتيبه لتوزيع تعيين الغذاء على وحدات الكتيبه فأوقفها سيادته وكان موزع التعيين هو الجندي عبد الحفيظ (فاكرينه ولا نسيتموه.. هاهاهاهاهاي) فامره بتقديم عينه من التعيين فأحضر عبد الحفيظ شويه أرز على مقصوصه التوزيع تناولها سيادته بيديه وكذلك فعل مع الخضار وقطعه لحم واستحسن كل ماتم تقديمه ورقاه الي رتبه العريف المهم اطمئن سيادته على احوالنا وسلم علينا وتوجهه الي قياده الفرقه الواقعه أمامنا...
انتهت الوقفه
موقف رهيب تعرضت له:
بعد عودتنا من معسكر التدريب واحتللنا موقعنا مره اخرى كانت هناك طائره استطلاع مروحه معايه تمر فوق موقعنا يوميا في السادسه من صباح كل يوم الاستكشاف كل جديد حدث في موقعنا وكانت طيار هذه الطائره من النوع المستفز فكان في بعض الأحيان يطير على ارتفاع منخفض حتى يكاد يلامس رؤسنا فأستدعاني قائد الكتيبه وناقش معي عمل كمين لهذه الطائره من فوق خزان مياه تحت الإنشاء كانت شركه المقاولون العرب تقوم بأنشائه لمدينه الاسماعيليه وكان موقع هذا الخزان يقع بجوار قياده الكتيبه ويبعد عنها حوالي كم واحد وكان الخزان مازلت عليه الشده الخشبيه والتي تصل إلى ماقبل قمته بقليل وكان ارتفاعه حوالي ٦٠ متر من سطح الأرض وكنت اشغل وقتها قائد سريه الرشاشات للكتيبه وهي مكونه من فصيلتي الأولى رشاشات متوسطه موزعه على سرايا النسق الأول للكتيبه والفصيله الثانيه رشاشات ثقيله مخصصه للدفاع عن قياده الكتيبه ضد طيران العدو المنخفض... ناقشني القائد في عمل كمين الطائره الاستطلاع هذه بأن اخذ مدفعا من مدافعي بطاقمه واتسلق به لأعلى الخزان وعند مرور الطائره اقوم بأطلاق النيران عليها....
وصف الخزان:
خزان مياه منشأ من الخرسانه المسلحه جسمه أسطواني الشكل مقام على اربعه اعمده خرسانيه ضخمه وسطحه مخروطي الشكل ومائل لاسفل بزاويه حوالي ٣٠ درجه كان من المفروض تغطيتها القرميد الأحمر ولا يوجد على قمته سوي دائره صغيره محيطها حوالي متر ونصف مستويه وحولها سور من الحديد بارتفاع حوالي ٥٠ سم كانت مجهزه لوضع عليها عمود مركب عليه لمبه الانذار الحمراء ذات الاضاءه المتقطع للتحذير الطائرات لان ارتفاع هذا الخزان حوالي ٦٠ متر من َ مستوى سطح الأرض وكانت الشركه في سبيلها التشطيب هذا الخزان ولكن حدثت حرب ٦٧ فتوقف العمل به وسحبت الشركه عمالها من الموقع خوفا عليهم وتركت تشوينات التشطيب حوله.....
انتهى الوصف
المهم تعجبت كثيرا من هذه المهمه بمنتهى الأدب والانضباط ناقشت قائد كتيبتي بأن هذه المهمه فاشله من بدايتها وعدت له اسباب فشلها ولكنه اتهمني بالجبن عن تنفيذها وأمام هذا الاتهام سواء كان على سبيل استفزازي او حقيقي قررت بيني وبين نفسي تنفيذها وحدد سيادته صباح اليوم التالي لتنفيذها ....
انتظروني برعب مثلما شعرت به أثناء التنفيذ..