قبل البدء.....
كان لدينا في القوات المسلحة كتاب اسمه معدلات الأداء هو دستورنا في التدريب وهو عباره عن الازمنه القياسيه التي يجب الوصول إليها عند التدريب على الاسلحه المختلفه وهو كتاب روسي تم تأليفه من خبرات الحرب العالميه الأولى والثانيه التي خاضها الجانب الروسي وهذا الكتاب يعتبر من أهم الكتب التي وصلت إلينا واشهد انه افادنا كثيرا جدا لأن تسليحنا كان كله من روسيا في تلك الفتره من الزمن وللعلم أيضا فيما بعد عندما توليت قياده كتيبه مشاه وكنت من اوائل الكتائب التي تم تحويل تسليحها من الشرقي الي الغربي وسألت لم أجد لديهم مثل هذا الكتاب.....
وسأعطي مثلا لما هو موجود في هذا الكتاب القيم....
رامي الRoj يجب أن يكتشف الهدف ويقدر مسافته ويتم التنشين عليه ويقوم بأطلاق القذيفه عليه في زمن لايزيد عن ٢٥ ثانيه وهو الزمن المثالي للرامي حتى لايتم اكتشافه من الجانب المعادي والتعامل معه
(خلي بالكم من هذا الزمن)
،،،،،،،،،،،،،،،،، انتهي
المهم قمت بأصحاب رماه الRpj الي ميدان الرمايه وبدأنا في تنفيذ تمرين رمايه الذخيره الحيه واذا الجندي عبد الرحيم علي محمد يحقق الزمن القياسي من اول طلقه وهو ٢٥ ثانيه وذهلت فهذا المستوى يصل اليه اي جندي بعد مسيره طويله من الرمي الذخيره الحيه ولم أصدق عيناي أعطيته طلقه ثانيه وامرته بأطلاقها واذا به يتجاوز المعدل القياسي ويصل الي ٢٢ ثانيه وذهلت للمره الثانيه واعطيته الطلقه الثالثه فتجاوز أيضا ليصل الي ٢٠ ثانيه........ ياالله.... ياالله انا أمام معجزه بشريه ووقفت مذهولا أمامه ومن فرط إعجابي أخرجت عشره قروش ورق ووقعت عليها واعطيتها له مكافئه لما احرزه والغريب ان باقي الرمايه للسريه اخذتهم الغيره الحميده والتنافس الشريف وبدأوا هم الآخرين في إطلاق القذائف بمنتهى العنايه. التنشين الجيد ولكن لم يصل إلى مستواه احد من الرمايه بالرغم من انهم حققوا نتائج مذهله أيضا...... ( خلي بالكم من موضوع العشره قروش التي وقعت عليها)... وعندما رجعت إلى مواقع الكتيبه أبلغت قائدي العظيم بتلك المعجزه أمرني بترقيته الي رتبه العريف...
ومرت الايام سريعه واحداث متواليه كان هو محافظا علي مستواه وثابتا عليه الي ان وصلنا ليله حرب أكتوبر ٧٣ فأستدعيته وابلغته بانني قررت أن يعمل رامي Rpj حرا وانه قائد نفسه ولا ينتظر مني أوامر لاطلاق القذائف وان لا يطلقها الا بعد التأكد من مسافه الهدف وان يحافظ على نفسه...وانه سيعمل على الجانب الأيسر للسريه لانه الأكثر تهديدا لها ولاحظت انه كان هادئا وواثقا من نفسه ومتشوقا للقتال..!!!!
وبدأت الحرب وكان مكانه في القارب الذي بجواري وما ان وصلنا إلى الضفه الشرقيه حتى اختفى من ناظري ووصلنا الي التبه التي سنستقبل عليها هجوم دبابات العدو وفي البدايه هجمت علينا دبابتين تم تدميرهم بواسطه صواريخ الفهد بمعرفه الملازم اول احتياط محمد محمد عجرمه ثم هجمت علينا بعدها دبابتان اخرتان الأولى كانت متقدمه نسبيا عن الثانيه واذا بالحندي عبد الرحيم علي محمد يقفز من مكمنه ويلعب معها لعبه الاستغمايه.... اي والله تلاعب معها مثلما يلعب الطفل بلعبته حتى تمكن من الوصول إلى مؤخرتها حيث صيده الثمين وهو محرك الدبابه ويطلق قذيفته المميته عليها فأشتعلت النيران بها الأمر الذي أدى إلى انفجار الذخيره التي بداخلها ولم يستطيع احد من طاقمها في الفرار واحترقوا بكاملهم معها..... هذا الجندي البسيط الفلاح الذي لايعلم اي شيئ عن القراءه او الكتابه وتحديت به نفسي وبطلقه Rpj لايتعدي ثمنها عن ٢٣ جنيه مصري دمر أحدث دبابه امريكيه الصنع معاديه ثمنها في هذا الزمن كان ٧٥٠٠٠٠ (سبعمائه وخمسون الف دولار)..... الله عليك ياابني
واستمرت الحرب واشترك هو مع الجندي محمد محمد سليمان في تدمير دبابه اخرى في اليوم التالي...
َوتنتهي الحرب وتستمر العلاقه بيني وبينه علاقه اخ كبير مع اخوه الأصغر وارقيه الي رتبه الرقيب مجند الي ان يخرج من الخدمه وتمر الايام والسنين الطويله حتى نصل الي عام ١٩٩٥ وافاجأ باتصال تليفوني منه يرجوني فيه ان اصبح شاهدا على عقد زواج ابنه وحدد لي الميعاد فوعدته بالحضور وفعلا ذهبت اليه استقبلني هو وأفراد عائلته في منتهى الكرم والحفاوه وبينما نحن جالسان بجانب بعض ادخل يده في جيب الصديري وأخرج محفظته وأخرج منها العشره قروش التي اعطيتها له عام ٧٣ قائلا فاكر دي ياباشا انا محافظ عليها من يوم مااخدتها منك وندرت ان اورثها لابني ثم سحبني من يدي حتى وصلنا إلى كوشه العريس وأمر ابنه بتقبيل يدي ثم قدم له العشره قروش قائلا له حافظ عليها وورثها لابنك بعدك......
وفيما بعد علمت انه توفي....
والي روحه الطاهره النقيه اتوجهه بكل والاجلال والاحترام واقول..... طبت مقاما لدي الذات المقدسه فلقد غدوت في سبيله ودافعت عن وطنك بأخلاص وصدقت ماعاهدت الله عليه فأنت من الأحياء اللذين كتب لهم الخلود..... الله يكرمك زي مااكرمتني وصنعت مني قائدا.......
ملحوظه:
الصوره المرفقه له أثناء الحرب
،،،،،،،،،،،،، انتهت