وبدأت الفضفضه الرهيبه..
والده توفي منذ ثلاثه سنوات وكان يمتلك قطعه ارض في قريته والتي تقع على حدود محافظه البحيره وكان ريعها يمثل له مصدر دخل ثابت يعتمد عليه في معيشته بالقاهره وبعد الوفاه ومرور أربعين يوما عليها اصطحبته والدته الي هذه القريه للاطمئنان على قطعه الأرض والتي تبلغ ١٠ فدادين فقابلها اخوه الوحيد الذي يسكن بالقريه ومعه زوجته واكتشفت انه قد استولى عليها وعند مناقشته في ذلك قام هذا الأخ بسبها وقامت زوجته الشرشوحه بالتعارك معها وضربها واهانتها اهانه
بالغه و ردها فرجعت مقهوره قهرا شديدا وبداخلها غضبا وغل لا يستهان به لدرجه انها أنهما بمجرد دخولهم شقه شارع مارسينا سقطت مغشيا عليها وبعد افاقتها ظلت طريحه الفراش لمده ثلاثه شهور متواصله وهداها تفكيرها الغاضب للجوء الي الأشخاص اللذين يعملون بالسحر لاسترداد قطعه الأرض هذه وظلت تبحث عنهم الي ان وجدت بغيتها في رجل كافر والذي وضع شرطا لذلك وهو انه سيرسل لها ثلاثه من الجن (أعوذ بالله) يعاشرونها ومن ستعجبه سيسكن بداخلها حتي الموت ولا سبيل في إخراجه وعلى انه بعد وصولها الي شقتها تدخل غرفه نومها وتغلق بابها عليها ولا تفتحه لأي مخلوق لمده ثلاثه ايام وعلى ان تعود اليه بعد مرور هذه الأيام الثلاثه فوافقت على الفور وفعلا بعد رجوعها للشقه اغلقت علي نفسها باب غرفتها لمده ثلاثه ايام متواصله وباعت نفسها للشيطان وبعدها رجعت لهذا الرجل الكافر فأخبرها بأنها أعجبت الجن الثلاثه وسوف يسكنون بداخلها الي اخر العمر وفرض عليها شرطا اخر وهو ان تغطي وجهها ولا تسمح لاحد حتى أولادها برؤيته فوافقت....
واستطرد فلان هذا قائلا كنت مصاحبا لها في رحله الكفر هذه وفي كل مراحله وبعدها اصطحبته الي قريه والده وقابلت اخوه وزوجته الشرشوحه التي بهتت لرؤيتهما وظهرت امه في هذا اللقاء بمظهر في غايه الشراسه والقوه والقسوه الشديده لدرجه انها تعاركت مع الزوجه الشرشوحه تلك ولمست رأسها فوقعت مغشيا عليها اما بالنسبه لاخو زوجها فلقد وافق فورا على اعاده الأرض لها وكان يتكلم معها زائغ النظرات وخائف من شيئا ما يراه ويفزعه واستلمت منه الأرض وسلمتها الي جار لهم يشترك معهم في حدود الأرض والذي كان أيضا مفزوعا وأخذت عليه الأوراق اللازمه التي تثبت ملكيه الأرض لها ولاولادها ورجعنا الي القاهره وامي في منتهى السعاده وبعد اسبوع علمنا ان عمي توفى وزوجته قد مسها الجنون واصبحت تمشي في القريه هائمه على وجهها وتركت أولادها لمصيرهم المجهول
وبعد العوده للقاهره ظهرت امي بمظهر في منتهى الشراسه والقسوه مع الجميع لدرجه ان تجنبها كل الجيران حولنا وكانت لا تسمح لاحد منا الدخول إلى غرفتها على الإطلاق ولا تخلع النقاب الذي ارتدته على وجهها ابدا حتى في المنزل كما اوصاها الرجل الكافر الذي قصدته.....
وفي يوم من الايام استدعتني امي الي غرفتها فدخلت عليها وكانت غير مرتديه النقاب فشاهدت وجهها الذي تحول إلى شيئ في منتهى البشاعه وعينها بهما لمعه مخيفه وامسكت يدي بأحكام شديد وقالت لي انا هااورثك قوه ماحدش غيري يقدر يديهالك علشان تعيش حياتك مستريح وتكون قوي في مواجهه اي عمل شر ليك ثم تفوهت بكلام لا أفهمه وبحروف مجهوله وبصوت مغاير تماما لصوتها فحاولت الافلات من قبضه يدها ولكنها كانت كالقيد الحديدي وشعرت لحظتها ان هناك مثل الكهرباء تسري في جسدي كله فوقعت مغشيا على وعندما افقت وجدت نفسي في غرفتي وعلى سريري وهي في غرفتها المغلقه عليها وبعدها وجدت نفسي املك هذه القدرات التي رأيتها وهناك قدرات أخرى أشد وافتك منها.... وانا مش عارف اخرج من هذه الدوامه وكل مااقول لها فكيني تنظر لي بعيناها المخيفتان وتنطق بكلام لا أفهمه ولا أعلم حروفه.....
وصمت برهه ثم قال لي عندك حل ليا.....؟؟؟؟!!!!!!!!
عند الوصول إلى هذا الحد من الحديث استأذنت لاحضر شيئا من داخل الشقه وخرجت من الغرفه وانتحيت جانبا بوالدتي وقلت لها افتحي الراديو على اذاعه القرأن الكريم بحيث نسمعها ونحن في غرفه الضيوف
(اعلم تماما ان الملبوس لا يطيق سماع القرأن الكريم ويحاول الفرار من مكان قراءته)
ثم دخلت غرفه الضيوف حاملا زجاجتين من البيبسي وادارت والدتي الراديو الموجود في صاله شقتنا على اذاعه القرأن الكريم والذي ماان سمعه فلان هذا حتى بدأ يتململ في جلسته وكأنه يجلس على شوك ولم يستطيع الصمود واستأذن في الانصراف وغادر قبل أن يسمع مني كلمه واحده....... وتخلصت منه بطريقتي وبعد مغادرته سألتني والدتي عن سبب طلبي لتشغيل الراديو على اذاعه القرأن الكريم فقلت لها أن لديه حاله وفاه وكان رايح للحانوتي اللي في الشارع اللي جنبنا ولقاه قافل فكان جاي يسألني عما يفعل ومايصحش ان الراديو بيقي شغال على اغاني فنظرت لي بشك كبير وريبه شديده....
المهم انتهت الاجازه وعدنا الي الكليه الحربيه لبدء التيرم الثاني وقابلني هذا الفلان والغريب انه لم يفتح معي اي حديث بخصوص زيارته لي وانا كذلك واستغبيت على الآخر.... في هذا التيرم كان التوزيع مختلف وانفصلنا في سريتان مختلفتان وكان عندما نتقابل مصادفه يكون السلام منه فاترا بالرغم من انني لم احاول تغيير معاملتي له
وتمر الايام ونتخرج واذهب انا الي الفرقه الثانيه المشاه وهو الي
الفرقه الثالثه المشاه والتي كانت أيامها تحتل مواقع في منطقه جبل مريم جنوب الاسماعيليه ولم أراه بعدها سوي مرتين الأولى في يناير عام ١٩٧٠ جاء لزيارتي وتصادف ان حدث اشتباك بيننا وبين العدو أثناء وجوده فنزلنا كلنا في الخنادق عدا هو وأصر على التواجد خارج الخندق غير عابئ بالقذائف المنهمره علينا بالرغم من صياحي عليه وكان يتمشى فوق الخندق وكأنه يريد الموت وبعد انتهاء الاشتباك غادر الموقع ورجع الي وحدته.... وبعد مغادرته استدعاني قائد كتيبتي واخذ يعنفني بسبب الشخص الذي كان خارج الخندق أثناء الاشتباك ظنا منه انه احد جنودي فلما علم انه زميلي وكان في زياره لي صاح قائلا كان لازم تشده من قفاه وتنزله في الخندق بالعافيه لان لو كان جراله حاجه كنا هاندخل في تحقيقات مالهاش لازمه.... والغريب جدا انه في اليوم التالي مباشره نقل قائد كتيبتي هذا الي المنطقه المركزيه وفي وظيفه تعليميه....
وفي عام ١٩٧١ صدرت الأوامر بنقل الفرقه الثالثه من جبل مريم لتتوجهه الي الاسكندريه وبعدها علمت ان فلان هذا نقل من الفرقه الثالثه الي الفرقه ١٨ المشاه في منطقه القنطره غرب وكانت المره الاخيره التي رأيته فيها في احد اجتماعات قائد الجيش بنا وحيا كل منا الاخر ولم نتبادل اي حديث...
وقامت حرب أكتوبر وانتهت وسألت عنه فأبلغوني بأنه في كشف خسائر الفرقه ومكتوب أمام اسمه.... مفقود
( انتهت المأساه)

ملاحظات :
1: في هفه من هفاتي قررت الذهاب إلى عنوان منزله في شارع مارسينا وما ان دخلت هذا الشارع حتى شعرت بتخدل في ساقاي وكلما اقتربت من المنزل حتى شعرت انني ارتدي حذاءا من الحديد وتتثاقل قدماي فأثرت الرجوع ولم ادخل هذا الشارع منذ أربعون عاما..
2: بالرغم من تعذيبي في تيرم المستجدين عذاب الأولين على يد طلبه القسم النهائي الا انني أكن لهم اعزازا وموده كبيره وكلما قابلت أحدا منهم بعد تخرجي الا ويكون الود والمحبه هو أساس المقابله واصبحوا أصدقائي المقربين...
3: عندما وصلت إلى التيرم النهائي بالكليه واصبحت صاحب سلطه على الطلبه المستجدين لم يحدث او احاول ان امس كرامه او اهين او أعذب اي فرد منهم بل بالعكس تماما كنت دائما احتويهم كما يحتوي الأخ الأكبر أخيه الأصغر وكانوا يبادلني المحبه والاحترام وايضا أصبحوا اكثر أصدقائي معزه.......
4: الشكر الجزيل لكم جميعا على تحملكم رزالتي وكذا تفاعلكم الكريم دمتم لي احبابا ...
(انتظروني بهمه ونشاط)