هو كان صديقا لوالدى رحمهما الله وان كان يكبر والدي بسنتان فهو من مواليد عام ١٩١٤ عندما بدأت الحرب العالمية الأولى والفقر والعوز يضرب باجنحته السوداء جميع أنحاء بر مصر بكاملها بينما الحكام يرتعون في رغد العيش بداخل قصورهم المتربعه على مئات الافدنه....!!!!!!
ولد يتيم الاب الذي غادر الحياه وهو مازال جنينا في بطن والدته فعاني من اليتم ومن الفقر والعوز لان والده كان رجلا حرفيا ليس له معاش فدخله كان من صنع يديه.. فأضطرت والدته الي دفعه للالتحاق وهو في السادسه من عمره في مهن مختلفه نظير قروش قليله تقيهم من غائله الجوع لدواعي البقاء على قيد الحياه فقط....!!!!!
جرب كل المهن التي تتخيلوها والتي لا تتخيلوها فلقد عمل صبي نجار وصبي حداد وصبي مكوجي وصبي جزار وصبي حلاق وصبي تربى وصبي حانوتي يحمل أدوات الغسل للمتوفي وارتباطه بالموت جعله يعمل في فتره من فترات حياته في مشرحه زينهم اللذين ينقلون إليها جثث القتلى ولكنه كان ذو اراده حديديه وطموح فولاذي لا يتنازل عنهما ابدا فبجانب هذه المهن الرهيبه كان يدرس في احد المدارس الخاصه الليليه والتي كانت تعج بها القاهره في تلك الأيام الغبراء ولعل أشهر هذه المدارس كانت مدرسه راغب مرجان والتي كان مكانها في منطقه باب الحديد(رمسيس فيما بعد)
وكان ينهي عمله في المهنه التي يمتهنها في السادسه والنصف مساءا ثم يهرع الي المدرسه والتي كانت الدراسه بها تبدأ في السابعه مساءا وتنتهي في العاشره مساءا وتوصل مع أصحاب المدرسه على عدم دفع مصاريف الدراسه نظير أعمال النظافه للفصول الدراسيه بعد نهايه كل يوم دراسي....!!!!!!
وبأراده فولاذيه حصل على شهاده الثقافه (الثانويه العامه) ومن المفارقات التي حكاها لي أن السنه التي حصل فيها على هذه الشهاده لم ينجح احد من المدرسه سواه وفرد اخر فقط..
ومع كل هذه الاهوال والاعباء التي كان يمر بها كان يدرس أيضا اللغه الانجليزيه واللغه العبريه والتي كان الوطن يعج بأصحاب تلك اللغات ايامها واجادهما اجاده كامله وفي خضم هذه الأحداث توفيت والدته ودفنت في مقابر الصدقه...!!!! وأصبح وحيدا في هذه الدنيا الظالمه......
اما عن وصفه فهو عملاق بمعنى الكلمه ويحمل فوق جسمه رأس كبيره ذات صلعه غريبه وعظيمه ليس بها سوي شريط ضيق جدا من الشعر في قفاه ثم جبهه عريضه وعينان واسعتان ذوات لمعه شديده لم تطفئهما ما تعرض له من أهوال وكان مايحيرني عندما رأيته لأول مره هو الشعر الكثيف جدا الذي يغطي يديه حتى يصل إلى اصابعه وصدره المغطي به والظاهر بشده من ياقه قميصه وقفاه وكأنه يرتدي بلوفر برقبه من الشعر وكأن الله عز وجل أراد أن يعوضه عن سقوط شعر رأسه وتلك الصلعه العظيمه وكان دائما وابدا يرتدي بدله كامله منذ أن عرفته لم استطيع تحديد لونها من كثره استعمالها وتحتها قميص كاكي اللون وكرافته من نفس لون القميص وأعتقد أنه فصلها من قميص قديم لديه وتنتهي هذه البدله بقدمان كبيرتان تلبسان حذاء جلد بني ماركه ساكسون الانجليزيه والتي كان لها كعب من الجلد يصدر صوتا عندما يدق في الأرض مثل الخطوات التي كنا نتعلمها ونحن طلبه في الكليه الحربيه هكذا كان منظره وهيئته عندما شاهدته لأول مره وانا في السنه الثانيه الثانويه وظل على هذه البدله وهذا القميص وهذه والكرافته طوال معرفتي به..
(انتظروني بشوق وترقب)