ابتسامه الرضا...
بعد الاشتباك الاول بثلاثه ايام قام العدو بقصف مواقعنا بالمدفعيه الثقيله والهاونات وكذا بعض احياء مدينه الاسماعيليه وكان معظمها خاليا من السكان...وقمنا نحن بالرد عليه بمنتهي الشده وبكل مالدينا من سلاح..وبالرغم من شده القصف لم يصاب اي فرد من كتيبتي..وتوقف القصف منا ومنهم في حوالي الثالثه بعد الظهر ..
في السابعه مساءا قام العدو بقصف محطه قطار الاسماعيليه والتي كان بها قطار متوقفا ويقوم بتحميل حوالي 2000 من بقيه المهجرين ومعهم امتعتهم التي استطاعوا حملها...وكانت مجزره بكامل المعني....استنجدت المحافظه بقياده الجيش والذي بدوره امر جميع الوحدات القريبه بالمساهمه في اعمال الاخلاء للجرحي او القتلي.وكانت كتيبتي منهم فارسلت عربه الاسعاف ومعها طبيب الكتيبه علاوه علي 5 عربات نقل جند كبيره.....
في صباح اليوم التالي استدعاني قائد سريتي وامرني بالذهاب الي قائد الكتيبه لتسليمه بيان المستهلك من الذخائر والمطلوب استعواضه وكذا المطالب من مواد التجهيز الهندسي لاعاده ترميم الاجزاء التي تهايلت من الموقع الدفاعي نتيجه قصف امس.وذهبت الي مركز القياده وقابلت قائد الكتيبه والذي بادرني قائلا انا مستعجل دلوقتي لاني رايح قياده الفرقه تعال معايا واحنا راجعين سألبي مطالبكم. وركبت معه العربه وفي الطريق توقف عند محطه القطار ونزل ليعاين نتيجه قصف امس عليها ونزلت معه وشاهدت بعيني الكارثه......كان جلال الموت يحيط ويحتضن المكان بكامله ويشير الي مأساه بكل المعني..الدماء في كل مكان والرائحه تزكم الانوف احد العربات سقفها مثقوب نتيجه سقوط قذيفه مدفع والانفجار بداخلها والذي اطاح بجميع النوافذ للعربه علاوه علي احداثه اعوجاج شديد بهيكل العربه واشد مالفت نظري هو امتعه المسافرين المبعثره والمملوءه بالدماء..وكرسي من العربه مقلوب وتحته راس سيده لم ينتبهوا له اثناء الاخلاء!!!...راس لسيده مازال الحلق الذهب في اذنيها واشهد امام الله انه كان علي شفتيها ابتسامه رضا..!!! ياالله.....ياالله...ماذا فعل هؤلاء البسطاء ليلقوا مثل هذا المصير...لم تكن رتبتي تسمح لي بابداء اي انفعال امام قائدي ولكن عيناي طفرت منهم الدموع بغير اراده مني وقائدي كذلك...
الم اقل لكم من قبل ان مجتمعنا الطيب والاصيل ساهم معنا واشترك في مواجهه اليهود.....مجتمعنا هذا الذي يساوي وزنه ذهبا يستحق منا كل الاجلال والاحترام والتقدير..........استاذنكم في التوقف لان الذاكره استدعت المشهد....
تحيا مصر الوطن