كان والدي (رحمه الله عليه) قبل سفري أعطاني خمسه اظرف منهم واحد مختلف اللون وعندما سألته لمن هذه الاظرف اجابني دول فيهم شهر منحه لعمال محل اسكندريه عايزك تمر عليهم وتعطيه لكل واحد منهم والظرف المختلف في لونه ده بتاع مدير المحل فقلت له ايه مناسبه هذه المنحه فرد دي اول مره تروح المحل بعد دخولك الكليه الحربيه ودي حلاوه دخولك وعلشان وشك عليهم يبقى وش خير وتروح توديهم...... ويارتني ماروحت......!!!!!!!!
مضى اليوم الأول لي بسلام وفي صباح اليوم الثاني استيقظت من النوم في الساعه السابعه صباحا ونزلت من الفندق مقررا الذهاب إلى محل والدي لتأديه المهمه التي كلفني بها وتحركت سيرا على الأقدام بشارع صفيه زغلول واثناء مروري أمام سينما مترو وجدت عليها اعلان عن فيلم للغرب الأمريكي فبيني وبين نفسي قررت دخوله في المساء حفله التاسعه مساءا ثم توجهت الي كافتيريا بسترودس وهي من الكافتيريات الانيقه والمحترم وذات سمعه طيبه طوال عمرها ودخلتها وتناولت بها إفطار خوجاتي وظللت بها حتى التاسعه صباحا وبعدها توجهت الي محل والدي في منطقه المنشيه من خلال شوارع تختصر المسافه حتى وصلتها وقابلت مدير المحل والعمال ووزعت عليهم منحه والدي لهم والحقيقه كان وقعها عليهم جميلا جدا وجلست على مكتب والدي اتحدث مع مدير المحل..
ملحوظه:
مدير محل والدي كان موظفا في مديريه إسكان الاسكندريه في وظيفه صغيره ثم استقال وبعدها تنقل في بعض الوظائف الي ان عينه والدي كمدير للمحل واستمر في الخدمه مع والدي حوالي ١٢ عاما وكان فيهم امين وصادقا ومحافظ على مال والدي الي ان طلب منه الاستقاله لرغبته ان يكون لديه عمله الخاص فوافق والدي وكان ذلك عام ١٩٧٥ بعدما تقرر الانفتاح وفعلا في خلال ثلاثه سنوات لمع اسمه وأصبح حوتا كبيرا من حيتان الانفتاح واشهد له كان يتعامل مع والدي بمنتهى الاحترام والتبجيل وعندما يحضر الي القاهره كان يأتي الي والدي ليزوره ورأيت بعيناي هذا الاحترام الشديد والتبجيل الذي يبديه لوالدى..(طمرت فيه العشره)
( انتهت الملحوظه)
وبينما انا جالس على مكتب والدي وحوالي الساعه العاشره والنصف صباحا دخل المحل زميلي المكشوف وجهه وطلب شراء كالون باب غرفه داخليه وليس كالون باب شقه وهناك فرق بينهما.... وبينما هو يتناقش مع احد العمال لاحت منه التفاته ناحيه المكتب ووجدني جالسا عليه وبأبتسامه صفراء كبيره تقدم نحوي وحاول ضمى الي صدره متظاهرا بحميميه العلاقه بيننا واعلانها لعمال المحل ولكني لم امكنه من ذلك وقابلته بشيئ من البرود ودار هذا الحوار....
هو: انت بتعمل ايه هنا يادفعه وقاعد على المكتب ده ليه
انا: ده محل والدي ومن حقي اقعد في اي مكان فيه
هو: معقوله ده محل والدك انت ماقولتليش ومعقوله انت في اسكندريه وانا ماعرفش ولا اتصلت بيا.
انا:وايه الداعي اني اقولك ثم انت ادتني رقم تليفونك من أصله
هو: معقوله اني ماادتكش رقم التليفون يمكن سهوه مني
انا: مش مهم عندي ومالوش لزمه معايا
هو: انت نازل فين...
انا : عند واحد قريبي هنا
هو: ماصدقش
انا: اشمعني...
هو: لأنك من النوع اللي ماينزل عند حد
انا: ويهمك في ايه مكان نزولي
هو: علشان نعملوا الواجب ََمعاك
انا: الف شكر مافيش حاجه تستاهل واجب ولا حاجه
هو: برضه مش هتقولي انت نازل فين
انا: مافيش داعي لاني نازل مصر النهارده نوبه تانيه ان شاء الله
هو: انا هاعرف انت نازل فين بطريقتي.... هاتعمل معايا ايه في ثمن الكالون اللي اخترته
انا: ولا حاجه خده وثمنه وصل
هو: الف شكر يادفعه بس برضه هاعرف انت نازل فين
انا : لم ارد او اعلق
واخذ الكالون وانصرف.. وبعدها تحدثت مع مدير المحل ونبهت عليه أن لو حضر هذا الزميل مره اخرى لشراء اي شيئ لابد من دفع ثمنه ولا يسمح له بأي تخفيضات.....!!!!!!
مكثت في المحل حتى الثانيه والنصف بعد الظهر ثم أعلنت لمدير النادي انني سوف اتناول الغذاء معه ومع العمال وان عليه أن يرسل احد العمال لشراء هذا الغذاء وان يدرج تكاليفه في دفتر المصروفات ويحضر لي للتوقيع عليه بمعرفتي أمام هذا البند... وفعلا ارسل احد العمال لشراء الغذاء من محل درويش للكباب على كورنيش الاسكندريه وكان العامل الذي أرسله اسمه مرزوق.....
وقفه قصيره:
العامل مرزوق هو أصغر عمال المحل وكان سنه من سني وكنت احبه لادبه الشديد وسرعه تلبيته للمهام والاوامر التي يكلف بها وكذا أمانته الشديده واخلاصه الواضح... وكان هذا الشاب من النوع المكافح والصبر والراضي بقناعه تامه عن رزقه وكان يعول أسرته بعد وفاه والده وكان والدي يعطف عليه كثيرا ولاحظت ذلك عندما كنت اصاحب والدي عند مروره على المحل.... وكان مرزوق هذا هو العامل الوحيد الذي استمر مع والدي والخدمه معه حتى أصبح هو مديرا للمحل.....
(انتهت الملحوظه)
وحضر الغذاء وتغذينا وسط جو من المرح وقفشات العمال المبهجه وفي الرابعه عصرا غادرت محل والدي متوجها للفندق للراحه قليلا قبل دخولي سينما مترو لمشاهده الفيلم الذي أعجبني إعلانه...
انتظروني للمفاجأه الكبري