الغريب والعجيب والخارج عن المنطق السوي عندما عدنا للكليه الحربيه قابلني هذا الزميل مقابله فيها الكثير من البرود والكثير من التجنب ولكني لم اكترث لذلك وحمدت الله انه ازاح عني هم كبير ففي مسيره الحياه قد تقابل زملاء يعتبرون هم ثقيل عليك وكان هذا الزميل من هؤلاء.....
المهم لاحظت ان هذا الزميل بدأ يحوم حول احد اصدقائي من باقي الزملاء فانتهزت فرصه وانتحيت به جانبا وحذرته منه وحكيت له ماحدث منه معي وأخذت منه عهدا ان لايذكر اسمي عند الحديث معه وفعلا بعد يومين واثناء وجودنا في فصل المذاكره الليليه تلاسنا ثم تطور الامر بينهما الي حد التشابك بالأيدي فقمنا جميعا بالفض بينهما واحتوينا الموقف وحمدنا الله انه لم يكن هناك ضباط مشرفين علينا أثناء هذا الاشتباك لان ذلك يمكن أن يؤدي إلى فصلهما هما الاثنان من الكليه الحربيه طبقا للتقاليد والقوانين العسكريه.....
وتمر الايام وينتهي التيرم ونحصل على اجازه لمده عشره ايام كامله فأستاذنت والدي في الذهاب إلى الاسكندريه لمده اربعه ايام فوافق واعطاني مبلغ مائه جنيه ونبهه على بأنني لو حدث اي موقف وكنت في احتياج لأي نقود فيمكن لي أن أخذها من مدير محلنا في الاسكندريه وانه سيقوم بالتنبيه على مدير المحل هناك بذلك وكان معي من مدخراتي أربعون جنيها فأخذتهم معي ليصبح كل المبلغ معي مائه وأربعون جنيها وكان هذا المبلغ في هذا التوقيت يعتبر من المبالغ الكبيره جدا ومنيت نفسي بقضاء اجازه سعيده بدون متاعب ماديه..!!!
وفي صباح اليوم التالي استيقظت مبكرا وتوجهت الي محطه رمسيس وركبت قطار الساعه الثامنه صباحا ووصلت الي الاسكندريه واسرعت الي فندق ضباط القوات المسلحه بمحطه الرمل.....
وقفه قصيره:
فندق ضباط القوات المسلحه بمحطه الرمل لم يكن في الأصل فندقا ولكنه كان مركز عمليات للقياده قوات التحالف لشمال أفريقيا أثناء الحرب العالميه الثانيه وبعد انسحاب المحتل الأجنبي من مصر تم تحويله الي فندق كان يعتبر من افخم.... افخم.... افخم (ثلاثه مرات) فهو منشأ على ربوه عاليه وفي مواجهه البحر ومكون من بدروم ودورين فوقه.. والبدروم عميق تنزل اليه بسلالم كثيره وله باب منفصل عن الباب الرئيسي للفندق وهو عباره عن ممر طويل على كل جانب من جانبيه ٨ غرف ثنائيه بجمالي ١٦ غرفه والإقامة به مخصصه للضباط العزاب او الغير مصاحبين لزوجاتهم وفي حاله زياده الضباط عن عدد الغرف تقوم اداره الفندق بتسكين ٢ فرد في كل غرفه....!!!!!!
وارضيه هذا البدروم من أفخر انواع الرخام شاهق البياض..
اما المبنى الرئيسي للفندق فمكون من دورين الأول به مكتب الاستقبال والتسكين وفي المواجهه مباشره مطعمين الأول غير مسموح بدخوله الا بالبدله الكامله وغير مسموح أيضا بدخوله للأسر التي معها اولاد يقل سنهم عن أثنى عشره عاما لعدم احداث أصوات عاليه او شوشره لباقي النزلاء أثناء تناولهم الطعام وداخل المطعم اطقم الخدمه به يرتدون زي موحد باللون الأزرق عباره عن سروال واسع من أعلى وضيق من أسفل ويعلوه صيديري وتحته فانله بكم بيضاء اللون والكل موشى برسومات من القصب الذهبي وادوات المائده كلها من الفضه الخالصه والاطباق ماركه سيفر الشهيره والكل مدموغ بشعار النادي ويجاور هذا المطعم مطعم اخر للنزلاء اللذين يصطحبون أولادهم الصغار ولا يقل فخامه عن المطعم الأول ولكن أدوات المائده فعاديه من شركه محليه وعلى الجانب الأيمن من الدور الأول خمسه قاعات كبيره منها واحده مكشوفه ولها شبابيك زجاجيه وهي التي في مواجهه البحر وقاعه اخرى مغلقه ولها أبواب زجاجيه بلوريه وهي مخصصه للتدخين وكل القاعات مؤثثه بأفخر الانتريهات والسجاد وأعتقد أنه منقول من القصور الملكيه وعلى الجانب الأيسر للدور الأول فيوجد به ممر طويل لدورات المياه ومكاتب الاداره....
اما الدور الثاني فيوجد به قاعه للعب البلياردو ثم ممر طويل على جانبيه اربعه اجنحه وسته عشره غرفه ثنائيه والكل مزود بأثاثات في منتهى الفخامه والفندق بالكامل مزود بنظام تدفئه مركزي يعتمد على حراره البخار الناتج من مطابخ الفندق
كان الفندق كله على بعضه تحفه فريده والخدمه به فوق الامتياز واحساسها الاهتمام الزائد والاحترام للنزلاء.....
انتهت الوقفه
المهم حجزت غرفه لمده اربعه ايام وطبعا كانت تقع في بدروم العزاب ولأن الوقت شتاءا فكان عدد النزلاء قليلا وأعطيت موظف الاستقبال إكراميه سخيه ونبهت عليه أن لا يشاركني احد في الغرفه ثم استلمت الغرفه وتركت بها شنطتي وخرجت ومن اول تليفون اتصلت بصديقي الاثير عادل عيسى( رحمه الله) وابلغته بأنني موجودفي الاسكندريه وعليه ان يقوم بتجميع الأصدقاء في السابعه مساءا في كافتيريا اتينيوس ثم تمشيت في شارع صفيه زغلول واشتريت من محلاته بعض الأشياء التي أعجبتني منها بلوفر صوف خالص ونصف دسته شرابات صوف كلها باللون الأسود الذي نستخدمه في الجيش وحذاء من الجلد وقميصان من الصوف التي كانت غير متوفره في القاهره وكلفتني كل هذه الاشياء ١٨ جنيها....
ملحوظه هامه:
افضل مصنوعات جلديه موجوده بالإسكندرية وخاصه الاحذيه والشنط الحريمي ولها شارع مخصوص في نهايه شارع صفيه زغلول....
والمهم عدت الي الفندق وتناولت الغذاء ثم ذهبت إلى غرفتي في انتظار ميعادي مع الأصدقاء وفي الساعه السابعه توجهت الي كافتيريا اتينيوس فوجدت بها اصدقائي فجلسنا مع بعض حتى الحاديه عشره مساءا وكان من تقاليدنا في هذه الصحبه ان يتولى اكبرنا سنا تجميع مبلغ من المال هو يحدده من كل واحد منا ويصرف منه طوال جلسه اللقاء ويقوم بالمحاسبه على مصروفات الجلسه والمتبقي من هذا المبلغ يوزعه علينا في النهايه مع إعفاء الصديق الجديد الذي يحضر لأول مره معنا من دفع اي مبالغ باعتباره ضيفنا ولمره واحده فقط بس يدخل في الصف في المره الثانيه.. ????????????????????????????????
والتقليد الثاني من يتأخر عن الميعاد يدفع غرامه قدرها جنيه واحد فوق المبلغ المقرر تجميعه....
بعدما انتهت جلسه اللقاء افترقنا على وعد اللقاء الثاني ليله مغادرتي للاسكندريه وذهبت الي الفندق وقبل نومي احصيت مصروفات خلال اليوم وكانت كالآتي...
٧٠ قرش تذكره السفر ذهاب واياب...
١٢ جنيه قيمه الحجز لمده ٤ ايام في الفندق
٤ جنيهات اكراميات
١٨ جنيه قيمه المشتروات
١٢٠ قرش قيمه الغذاء
٣ جنيه مصروفات جلسه الاصدقاء
باجمالي مصروفاتي لليوم الأول لي بالإسكندرية ٣٨ جنيها وتسعون قرشا من أصل مبلغ ١٤٠ جنيه وتبقى معي مائه وواحد جنيه وعشره قروش ومضى اليوم الأول لي بسلام..
انتظروني بقلق????