في حياتنا العسكريه القاسيه والجافه تحدث بعض المواقف الكوميديه العفويه وتكون هذه المواقف مضحكه وتبهجنا عندما نمر بها او حين نتذكرها وتهون علينا هذه القسوه او هذا الجفاف الذي نعيش فيه وهذا الموقف حدث وانا في قمه الاعصاب المشدوده والمستنفره..
ففي صباح يوم ٤ اكتوبر عام ١٩٧٣ صدرت الاوامر لي بالتحرك الي موقع اتخاذ اوضاع الهجوم وكان هذا الموقع يبعد عن موقعي الحالي حوالي ١٥٠٠ متر وفي اتجاه الشمال علي ان تحتل سريه مشاه من الكتيبه ٣٦٢ التابعه للواء ١١٧ مشاه مكاني الحالي ويتم ذلك اعتبارا من التاسعه مساءا وحتي الساعه الحاديه عشره من مساء اليوم ذاته وفي نفس الوقت يتم ذلك بصمت كامل وسريه شديده......وخاصه ان عجله الحرب كانت قد دارت ولن يستطيع احد ايقافها .....
قمت باجراء التحضيرات النهاريه لهذا الغيار وانتهيت منها وفي التاسعه مساءا وصلت السريه التي ستحتل مكاني وتقابلت معهم علي بوابه موقعي الدفاعي وابلغتهم بجميع التعليمات الخاصه بهذا الغيار وانهيت كلامي معهم بتحذيرهم بان اي شخص لن يلتزم بما ذكرته او يتهاون في تنفيذه سأقابله بمنتهي العنف والقسوه لانه من المطلوب الا يشعر العدو الموجود امامنا علي الضفه الشرقيه لقناه السويس بما نفعل..وبدأت عمليه الغيار وسارت كما اردت والحقيقه ان افراد السريه القائمه بغيار سريتي كانوا في منتهي الانضباط وتقدير للمسؤليه لهذا العمل وعند منتصف عمليه الغيار شاهدت داوريه للعدو قادمه من اتجاه الشرق وفي اتجاهنا ومضيئه انوار كشافاتها فأمرت الجميع بالنزول في خنادق المواصلات للموقع الدفاعي او الرقود خلف التباب الموجوده في الموقع ونفذ الجميع هذا الامر عدا واحد فقط ظل واقفا وواضعا ايديه في جيوبه فصرخت فيه ارقد ياحمار فنفذ علي الفور. حضرت الداوريه ووقفت علي الضفه الشرقيه للقناه تفتش بكشافاتها الارض علي الضفه الغربيه ولكنها لم تلاحظ شيئا فانصرفت من حيث اتت واستكمالنا الغيار وتم بنجاح وبعدما انتهينا توجهت الي موقعي الجديد ومعي ضباطي اللذين كانوا يشرفون معي علي هذا الغيار واثناء سيرنا وجدت من ينادي علي في الظلام فسلطت عليه ضوء بطاريه كانت في يدي فوجدته ضابط برتبه عقيد فأديت له التحيه العسكريه وبدأ هو معي هذا الحوار.....
هو: انت النقيب طلبه!!؟؟؟؟
انا: ايوه يافندم
هو انت ضابط كويس وفاخر ومنضبط
انا: اشكرك يافندم
هو: ياريت كان عندي ضابط زيك
انا: اشكرك يافندم
هو: انت ماحصلتش وماشفتش زيك قبل كده
انا: اشكرك يافندم
هو: ماتيجي تشتغل معايا
انا : اشكرك يافندم .....هو سيادتك مين!!!
هو: صمت لبرهه ثم رد ......انا الحمار
وانفجر في نوبه ضحك شديده وانا وضباطي معه.....
ملحوظه:
هذا العقيد كان قائد الكتيبه التي منها السريه القائمه بالغيار وحضر مع جنوده ليشرف عليهم ولم اراه عندما تقابلت معهم ولم يبلغوني بوجوده.......
المجد لجيش مصر....وتحيا مصر الوطن.