في تمام الخامسه صباحا من اليوم التالي تواجدت أمام مكتب العقيد اح سمير الحملاوي فوجدته يقف أمام عربته الجيب فركبناها واصطحبنا معنا عربه لوري وبها مجموعه الجنود وتوجهنا الي مدينه بلبيس التي وصلناها في السادسه والنصف ثم إلى سوق المدينه والذي هو ارض فضاء مساحتها كبيره فتركنا العربتان في مدخل السوق وسرنا على الأقدام وكان الفلاحين يقومون برص بضاعتهم التي احضروا من القرى والنجوع القريبه من المدينه وكان العقيد سمير يمشي وانا وراءه بخطوه حتى أتمكن من مراقبه تصرفاته ومضى هو يتفرس بغيناه البهائم الموجوده بالسوق وامارات عدم الرضا تبدو على قسمات وجهه الي ان وصلنا قبل قليل من نهايه السوق وفجأه لاحظت فرحه تبدو على وجهه فلقد وجد غايته عباره عن ثور ضخم وفي منتهى الجمال وكان هذا الثور يقف بشموخ وكبرياء ويطلق خوارا عاليا في آخره نغمه مرعبه وكأنه يعلن عن نفسه ويقول(ياارض اتهدي ماعليكي ادي).. هاهاهاي
كانت رأسه بيضاء بلون الثلج وجلد جسمه ورماديا وذيله خليط بين اللونين وفي نهايته خصله شعر بيضاء كثيفه وحتى حوافره كانت بلون اسود داكن ولامع تكاد تنبض بالحياه لترد على جمال جسم الثور....
وكان هناك فلاح يمسك بخطام هذا الثور منظره في غايه البؤس فذقنه غير حليق ويرتدي جلبابا كالح من كثره الغسيل .. فهجم العقيد سمير على الثور وبدأ يفرزه ويعاينه معاينه كانت أول مره في حياتي أراها... بدأ بالأسنان ثم اللسان ثم العينان والاذان وبعد ذلك يفرز كل سنتيمتر من جلده ويمسك بيديه القويتان العمود الفقري له وبعد حولي نصف ساعه من تلك المعاينه الجباره دار هذا الحوار بينه وبين الفلاح صاحبه.....
هو:الشاب ده مهره كام
الفلاح : ٩٠٠ جنيه ياباشا
هو: بتقول ايه ياراجل ياحرامي
الفلاح: قلت لسعادتك ٩٠٠ جنيه
هو:انت باين عليك عايز تتحبس النهارده..
الفلاح:ليه ياباشا هو انا قلت حاجه غلط انا قلت لسعادتك التمن اللي انا عايزه وبعدين مابين البايع والشاري يفتح الله
هو:انت مش هاتجبيها البر النهارده ثم نظر لي قائلا اطلب لي البوليس ياطلبه فوقفت خلفه وأطلقت ضحكه مكتومه لانه لا يوجد معنا اي اجهزه اتصالات فلم ارد عليه.
الفلاح: قلبك ابيض ياباشا والله العظيم انا ببيع التور ده مضطر لاني عايز افك رهنيه الأرض بتاعتي. وربنا وحده يعلم انا خسران فيه قد ايه
هو:طيب انا هاديك فيه ٦٠٠ جنيه
الفلاح:والله ماينفع ياباشا
هو:طيب هاخليه ٧٠٠ وده اخر كلام عندي
الفلاح: انا قلت لسعادتك والله ماينفع انا ببيعه مضطر
عند هذه النقطه لم يعجبني الحوار وأطلقت زفرات عدم الرضا وطقطقت بفمي لا اراديا فنظر لي العقيد سمير وقال فيه حاجه ياطلبه
انا:ايوه يافندم لو سمحت عايز اقول لسيادتكم كلمتين بعيد عن الراجل ده..
فمشينا بضع خطوات بعيدا عنه حتى لا يسمعنا ودار هذا الحوار بيني وبينه.....
هو: فيه ايه عايز تقول حاجه
انا:ايوه يافندم انا ابويا بأستمرار يقولي لو هاتشتري حاجه هاتدخل جوفك اوعي تفاصل فيها لأن ممكن البايع يديهالك مضطر يبقى كده انت دخلت السحت في جوفك وربنا عمره ماهايبارك في رزقك او مالك
يافندم الراجل قال لسيادتكم انه مضطر لبيع الثور واحنا فلوسنا كتير ومش هانتأثر ب١٠٠ او ٢٠٠ اوحتي ٥٠٠ جنيه... يافندم من فضلك اديله اللي هو عايزه علشان ممكن كده الكتيبه كلها هاتاكل سحت....
هو:كان ينصت وهو بكامل التركيز في كلامي وانا اتابع قسمات وجهه والتي انفرجت عن فرحه ورضا لهذا الكلام وقال لي..
زين تربيه ابوك ليك لازم تعرفني عليه(حدث فيما بعد واصبحا أصدقاء حتى وفاته)..
ثم قال انا بقى هاطلع اجدع منك وهاتشوف ثم توجهنا الي الفلاح وبادره قائلا خلاص انا هادفع فيه اللي قلت عليه وفوقهم ٥٠ جنيه بشرط توصل الثور للعربيه الموجوده في مدخل السوق.
ولن استطيع وصف منظر هذا الفلاح عندما سمع هذا الكلام والذي رفع ايديه الي السماء قائلا الف حمد وشكر ليك يارب روح ياشيخ ربنا يستر طريقك وينور بصيرتك ثم سحب الثور وتوجهه به إلى مدخل السوق ونحن نمشي وراءه.....
انتظروني
المجد لجيش مصر.. وتحيا مصر الوطن.