وتمر الايام وتنتهي الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥ وتزدهر تجاره الأصناف التي تبيعها الشركه او تستوردها وكذامحلات والدي وتمتلئ مخازنهما نتيجه نشاط عمليه اعاده الأعمار او الترميم للأماكن التي طالها التدمير او تأثرت بالحرب ويظل الخواجه ليباريت على وفاءه لوالدى والشركه حتى يحدث العدوان الثلاثي على مصر وبعده يصدر قرار طرد كل الأجانب من دول الاعتداء واعتقال كل من كان يتمتع بحمايتهم او رعايتهم من المصريين ويفلت الخواجه ليباريت من كل ذلك نتيجه لطاعته لنصيحه والدي عندما طلب منه التخلي عن هذه الرعايه او الحمايه واعتبر ليباريت ذلك جميلا لاينسى من والدي له وهناك موقف لا يمكن نسيانه رأيته بعيناي وهو.....
في احد ايام الاجازه الدراسيه اصطحبني والدي للذهاب معه إلى مقر الشركه وكان الوقت مساءا وبمجرد دخولي شارع عماد الدين الواقع فيه مقر الشركه حتى وجدت نفسي ادخل عالما لا ينتمي الي عالمي وَمجتمعا غريبا عن المجتمع الذي اعيش فيه فلقد رأيت أضواء كثيره ساطعه واناس يرتدون البدل والكامل والببيون ويرتدون الاحذيه اللامعه والكثير من البارات ذات الأبواب الزجاجه التي تكشف من ورائها فهناك أناس يجلسون وامامهم زجاجات الخمر ورأيت احد الفنانين الكبار اللذين يشار إليهم في الفن يجلس خارج احد البارات وامامهم زجاجه خمر وطبق مزه وكأس مملوء وهو يحتسي منه وعندما مررت أمامه نظر الي بزهو متوقعا تحيتي له فأشحت بوجهي عنه بعد نظره احتقار مني له ورأيت أيضا مقهى يجلس فيه مجموعه من الفنانين وامام كل واحد منهم لفه كباب يأكلون منها ورأيت احد السكارى يتقدم نحونا انا ووالدي بطريقه عدواني فدفعه والدي دفعه اوقعته على الأرض ومضينا كل ذلك رأيته وانا مولود واعيش في حي شعبي واري فيه أناس حفاه يرتدون الجلاليب البلدي بجميع أشكالها والوانها وبعضهم يرتدي البلغه الفلاحي وقارنت كل ذلك في ذهني الصغير ووجدت ان هناك تفاوتا رهيبا بين هذا وذاك مما اثارني وسألت والدي انت اخترت ليه المكان ده للشركه وكان مكانها أمام مسرح الريحاني فرد مش انا اللي اختارته ده الخواجه ليباريت اختاره لانه بالقرب من مسكنه علاوه على قربه من التجار اللذين نتعامل معهم سواءا في منطقه الرويعي او باب الخلق ثم قال لي ليه هو مش عاجبك فصمت ولم ارد..
المهم وصلنا إلى العماره التي بها مقر الشركه وكانت عماره كبيره جدا بداخلها ثلاثه اسانسيرات وصعدنا الي الدور الثاني منها والذي به أبواب شقق كثيره كلها مغلقه عدا واحدا مفتوح هو مقر الشركه ودخلنا فوجدت رجلا عجوزا ذو نظاره نظر سميكه العدسات ما ان رأي والدي حتى هب من وراء مكتبه واندفع نحو والدي يحييه ورد والدي التحيه ثم اتجه نحو ممر طويل ودخل مكتب في نهايته هو مكتبه ونادي بصوت عالي بعض الشيئ على الخواجه ليباريت والذي حضر مسرعا وما ان شاهد والدي حتى انحني على يد والدي يريد تقبيلها فسحب والدي يده منه بسرعه قائلا له اوعي تعمل كده تاني فرد ليباريت عليه جميلك فوق راسي ياحاج رضوان وكانت هذه أول مقابله بينهما بعد قرار الطرد للاجانب..... وايضا كانت أول مره لي أرى فيها الخواجه ليباريت او ادخل مقر شركه والدي........
انتظروني بهمه ونشاط