مولايَ، وإن غِبتُ عن دربِ الهُدى زمَنا فالعَينُ تَبكي، ويَشكو القلبُ ما سَكنا
قد أَغرَقتني ذُنوبِي في دَياجِرِها
حتى غدوتُ غريبًا، تائهًا وَهَنا
مولايَ، إني ضعيفٌ لا مَفَرَّ لَهُ
إلّا رِضاكَ، فَخُذ بِي، أنتَ مَن مَنَحا
إن ضاعَ صَوتي، ففي سِرّي أُنادِيكُمُ
لا يَعرِفُ السِّرَّ إلا مَن لهُ سَكنا
إن كُنتَ أبعدتَني عن حَوضِ رَحمَتِكُم فامنَح قَلبي لِصَفحٍ يُبهِجُ الوَطَنا
ما لي سِواكَ، وأنتَ الغَوثُ في كَرَبي
وأنتَ نَبعُ هُدى، في قُربِكَ السَّكنا
مولايَ، إني وإن أذنَبتُ مُعترِفٌ
بأنَّ عَفوَكَ بحرٌ ما لَهُ ثَمَنا
فاقبَل دعائي، فإني عائدٌ أبدًا
للقُربِ أرجُو، ولا أرضى لَهُ بَدَلا
مولايَ، قد ضاقَ بي عُمري وما فُتِحتْ
إلّا ببابِكَ أبوابُ الرِّضا مُنحا
أدعوكَ لَيلًا، وإن نامَ الورى، فمَعي
دَمعٌ يُنادِي: إلهي، ارحَمِ الضَّعُنا
كم قد سَكِرتُ بهَوى الدُّنيا، فصَحوتُ مَن جَهلٍ، فعُدتُ أُرَجّي الصفحَ والرُّحَما
يا مَن يُجيرُ ضعيفًا لا مُجيرَ لَهُ
إلاكَ، كُفَّ لهيبَ الذَّنبِ والسَّقَما
مولايَ، عُذرِي دُموعٌ في الخُدودِ جَرَتْ تَروي اعتِرافي، وتُبدي ما بهِ الكَمَدا
إني غَريبٌ، وأنتَ الآمِنُ الثَّمِنُ
فامنَح لِروحي سَلامًا يُذهِبُ التَّعَبا
أنتَ الكريمُ، وهل يُرجَى سِواكَ يدٌ؟
وأنتَ حِلمٌ، إذا ما أذنَبوا سَمِحا
مَن ذا يُجيرُ إذا لم تُشرِقِ السَّما
بعَفوِكَ الأبهى، وبالرَّحماتِ والهِبَنا؟
مولايَ، نفسي ضعيفةٌ، وإن قَوِيَتْ
فهي الوَهى، إن بَدا في الدَّربِ ما فَتَنا
فاقبَل رجوعي، فإني قد أتيتُ على
خوفٍ ورَجوى، وقَلبي بالهُدى امتلَأ
إن غِبتُ عنكَ فَحاشا أن تَغيبَ عَني
كَيفَ يغيبُ الذي بالكونِ قد سَكنا؟
أدعوكَ، يا مُلكي الأعظم، يا سندي
لا تَترُكني لِهوى نَفسي وما جَحَدا
مولايَ، يا كاشِفَ الكُرباتِ في لَحَظٍ
جُد بالوِصالِ على قلبٍ بهِ سُكِنا
ما زلتُ أرجُو، وإن طالَ الطريقُ بي
أن يَغفِرَ اللهُ ذَنبًا أثقَلَ الجَبَلا
إن كانَ عُمرِي شِتاءً، فالرَّجاءُ هُدىً
بأن تَكونَ لَدَيكَ الرَّحمَةُ الغُرَرا
مولايَ، ما أطيقُ الصَّبرَ عنكَ، فَقد
ذابَ الفؤادُ، وكم نادى وما وَهَنا
لا تَحرِمِ العينَ من دَمعٍ يُناجِيكَ في
لَيلٍ طويلٍ، بهِ الأرواحُ قد هُتِنا
إن كانَ لي مِن زَمانٍ بَعضُ أنفاسِهِ
فَليَكُنْ كُلُّهُ في الوَصلِ مُعْتَكِفا
مولايَ، ها أنذا مُلقٍ ببابِكَ في
ذُلٍّ، وفيكَ رَجائي قد سما وارتَقى
فاقبَل مَقالَ فُؤادٍ طالَما سَهِرَتْ
عَيناهُ في لَيلِهِ تُبكي وتَعتَذِرا






































