و افترقنا…يا أبن العناد والحيرة
ومع ذلك،
كلّما حاولتُ أن أمحوك،
ظهر اسمك
كأنه نقشٌ قديم
يرفض أن يستسلم ليد الوقت.
وكلّما قلتُ إنني انتهيت،
انشقّ في داخلي صوتٌ خافت
يشبه صوت كاهنةٍ سومرية
تتمتم:
“ما ينفصل بالجسد،
يبقى متماسكًا بالقدر.”
أعرف…
أنك تمارس النسيان
كما يمارس الجنديّ الوقوف:
مهمّةٌ يتظاهر بإتقانها
لكنّ رجليه ترتجفان في الخفاء.
وأعرف…
أنك تدّعي القوة،
بينما حقيقتك
تختبئ في نظرةٍ
تسقط منك بلا قصد
كلّما ذُكر اسمي.
وأعرف…
أن الفراق
لا يخيفني بقدر ما يخيفك،
فأنا ابنة الجنوب،
ابنة النساء اللواتي
إن أحببنَ
جعلنَ من البعد
أرضًا تشتعل بالشوق
لا تنطفئ.
لن نفترق… وافترقنا،
لكن ما بيننا
أكبر من أن يقطعه طريق،
وأعمق من أن يبتلعه زمن،
وأقسى من أن تشرحه كلمات.
فنحن
حتى ونحن بعيدين
نقف في قلب الحكاية نفسها،
ننظر إلى الاتجاهين المتعاكسين،
لكن الخطّ الذي نقف عليه
واحد…
لا ينكسر.
وفي نهاية الليل،
حين يخفت صخب العالم،
وحين يعود كل شيءٍ إلى مكانه،
سأسمعك
ولو كنتَ أبعد من الأفق
تقول بلا صوت:
“ما زلتُ هناك…
حيث وضعتِني
أوّل مرّة.”
وسأبتسم،
لأنني أعرف
أن بعض الفراق
ليس فراقًا،
بل درسًا
نتعلم به
كيف لا نفترق
مرّةً أخرى






































