أيّتها الحدقتانِ الكبيرتان…
اُمطري شعرًا
أيّتها الحدقتانِ الكبيرتان،
المحشوتانِ بما لا يُقال،
والفارغتانِ من كلّ ما يُظنّ أنّه مكنون،
كأنّ السرَّ الحقيقي
اختار أن يسكن غياهبهما
لا أعماقهما.
يا بئرَينِ غامقتين
تتدلّى فوقهما أرواحُ التائهين
مثل نجومٍ تبحث عن سمائها،
ارفعي ستاركِ قليلًا…
فإنّ في طرف نظرتكِ
قدرةً على إشعال ليلٍ بأكمله
بجرّة ضوءٍ واحدة،
وضربة معنى
تتفتّح من العتمة
كما يتفجّر الوردُ من حجر.
أيّتها الحدقتان،
يا آيتينِ من إشراقٍ لا يُؤوَّل،
كلّما واجهتُكما
ارتجّ الصمتُ في داخلي
وتحرّك الحجرُ الراكد
كما لو أنّ شوقًا قديمًا
استفاق على اسمي.
اُمطري شعرًا…
اُمطري فوق جبهتي
ما هو أعمق من الكلام،
نبضًا…
يشبه الوحيَ حين يهبط
على قلبٍ كان منسيًّا،
نائمًا منذ أول الخلق.
اُمطري شعرًا…
دعيني أتلو ما لا يُتلى،
وأدخل ما وراء المعنى،
ففي قاع عينيكِ
لوحٌ محفوظ
كُتبتْ عليه أسرار العشق
قبل أن تُصاغ الحروف،
وقبل أن تتعلّم الحواس
كيف تتعرّف إلى نفسها.
اُمطري شعرًا
فإنّي امتلأتُ بكِ
إلى حدٍّ لا يعود فيه الجسد
قادرًا على صمته،
ولا الروح
راضيةً بأن تبقى أرضًا
لا تمسّها نسمةٌ منكِ.
اُمطري…
كي أنهض منّي،
وأذوب فيكِ،
وأولد من جديد
من حدقتين
واسعتين
كأنّ إلهًا
اختبأ فيهما
ليدلّ قلبي
عليهما.





































