الحنينُ ليسَ رجلاً غادرَ البيت،
ولا امرأةً تركت ظلّها في فنجانِ القهوة.
إنه ما يتبقى من الوقتِ بعدَ أن نغادرَ الساعة.
هو ما نُخفيه عن أنفسنا حين نضحكُ أمامَ المرايا.
الحنينُ لا يُرى… لكنه يُلمَسُ في الأصابع المرتجفة
حين نمرّ قربَ نافذةٍ تشبه نافذتنا القديمة.
لا يُسمع… لكنهُ يصرخُ في آخرِ أغنيةٍ لم نُكملها.
الحنينُ ليسَ ذكرى،
إنه التوقُ إلى زمنٍ لم نعشه،
أو ربما عشنا نصفهُ
ثم استيقظنا فجأةً من حلمٍ كان أكثرَ واقعيةً من الصحو.
أحنُّ إلى الطرقات التي لا أعرفها،
إلى غيمٍ لم أعبره،
إلى جملةٍ لم أكتبها،
إلى حزنٍ لم أبكه… لكنه ينتظرني كلّ مساء.
الحنينُ هو أن تمشي إلى الأمام
بينما قلبك مربوطٌ إلى الخلف بخيطٍ غير مرئي.
هو أن تحمل معك ظلاً لا يعرف إلى أين تذهب،
لكنه يرافقك… خوفًا من أن تنسى من كنت.
أحيانًا، لا نشتاقُ لشيء،
لكننا نشعرُ بأن شيئًا ما ناقص.
ذلك هو الحنين،
فراغٌ بشكلِ ذاكرة،
صوتٌ بلا صاحب،
ووقتٌ ينهارُ في داخلك دونَ أن يُحدثَ ضجيجًا.