آهٍ مِن عينيكَ
كوكبان يحترقان في ماء،
محرابان من زجاجٍ يتكسّر كلما صلّيت،
جرحان مفتوحان على المجرّة،
طائران من لحمٍ أسود يحومان حول جمجمتي.
آهٍ يا عينيك،
حين أنظر إليكما
ينفجر جسدي في مئة مرآة،
كل مرآة تنزف وردًا،
كل وردة تحترق وتتحول إلى سمكة،
كل سمكة تطير بأجنحةٍ من عظامي
وتسقط ثانيةً في دمك.
آهٍ يا عينيك،
أعبدكما كما يعبد العطشُ سرابًا،
كما يعبد البحرُ قاعه،
كما يعبد الذئبُ قمرًا يتفتت في حلقه.
كأنني أدخلُ إليكما
مدينةً من أصوات،
البيوت فيها مصنوعة من رموش،
النوافذُ تفتح على فراغ،
والأطفال يولدون وفي أفواههم صلاةٌ محروقة.
آهٍ يا عينيك
أرى قلبي يمرّ راكضًا بين بؤبؤيك،
يحمل رأسه تحت ذراعه،
يضحكُ بجنون،
يترك وراءه أثرًا من برقٍ ودمع.
أوه يا عينيك،
أيها الكوكبُ المذبوح،
أيها الحلمُ الذي يبتلعني حتى العظم،
أيها السرُّ الذي يخلع جلدي كل ليلة
ويعيده على شكل لغةٍ أخرى.
أعبدُ الله وعينيك،
أعبد هما معًا،
كما يُعيد المجنونُ أسماء موتاه في نومٍ أزلي،
كما يُعيد النائمُ صرخته الأولى،
كما يُعيد الجرحُ نفسه على شفرتيْ سكين.
آهٍ يا عينيك،
أُعبدُ الهذيانَ الذي تتركانه في دمي،
أُعبدُ الشررَ الذي يخرج من ظلكما،
أُعبدُ قيامتي المتكررة بين رمشيكما،
وأترك العالم يسقط،
كل العالم يسقط،
وأنا، أظلّ معلّقًا بكما،
كتمثالٍ يضحك في حريق،
كشهيدٍ يرقص في صحراء،
كطفلٍ يولدُ من فم الالهة مباشرةً
ويسقط في عينيك…
———
نص من ديوان ( التمس لي شِعرًا)